العدد 2019
الجمعة 25 أبريل 2014
banner
حبس ستة آسيويين!! إبراهيم بوصندل
إبراهيم بوصندل
لمن كان له قلب
الجمعة 25 أبريل 2014

بينما كنت أرتب أوراقي القديمة، وأعيد تنظيم مكتبتي، رأيت جريدة مؤرخة في (5 رمضان 1428 هـ 17/9/2007م) وفيها خبر نقرأه كل عام، وهو حبس ستة آسيويين تناولوا الطعام في رمضان.
يقول الخبر إن المتهمين حُبسوا سبعة أيام احتياطيا بأمر نيابة العاصمة لضبطهم يتناولون الطعام بعد صلاة الفجر في أحد المطاعم بالمنامة.
الخبر عادي جدا، وهذا الحبس يأتي على اعتبار أن القانون في مملكة البحرين يحظر الأكل والشرب وما في معناهما بصورة علنية في نهار شهر رمضان.
وبغض النظر عن صحة الاتهام الموجه لهم وهو (الازدراء بالأديان)، لأن التهمة أقرب لمخالفة القانون ليس إلا، وقد تبين أن المتهمين هاربون من كفلائهم وهو أمر أيضا بات عاديا جدا.
لكن ما انقدح في نفسي وأنا أقرأ الخبر القديم العادي والمتكرر، وجعلني قبل حوالي سبع سنوات أعلّم عليه بالأحمر، هو ذلك التناقض الصارخ في حياتنا ومجتمعاتنا وحكوماتنا وقوانيننا..
سنسلم للسلطات قبضهم على من خالف القانون المذكور وسنشكرهم، فالقانون - كما يغلب على ظننا - إنما وضع لتأكيد احترام شهر رمضان الكريم من قبل المسلمين وغير المسلمين أيضا.
لكن لنسأل أنفسنا سؤالا مهما: ألا ينطبق علينا في هذه الحال قول الله تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ..)، فلماذا اقتصر الأمر على حبس من يأكل في نهار رمضان، وسكتنا أو تساكتنا عن بيع الخمور في رمضان وغيرها، وتجاهلنا عن المنكرات والموبقات التي تعج بها أكثر الفنادق والمراقص والشقق المفروشة إلا من رحم الله!؟
أين نحن من تلك الأنظمة والممارسات الربوية التي تبدأ من بعض مشاريع الحكومة وقروضها الإسكانية، ثم تنتشر مؤسساتها الربوية في طول البلاد وعرضها!؟
بل أين نحن من العدل والعدالة في مجتمع صار القوي يأكل الضعيف فيه، والكبير يدوس على الصغير، أم أن الأمر اقبض على كم آسيوي بتهمة الأكل في نهار رمضان لكي تسكِّت المطاوعة وتؤكد حرصك على الشريعة، وعندما يزيد الكلام على الفجور، اقبض على كم آسيوية لكي تثبت أنك لست غافلا عن الدعارة!
ثم أليس الذي حرّم الأكل والشرب في رمضان، والذي قمتم مشكورين بتعميمه على غير المسلمين علنا، قد أمر بتطبيق شرع الله تعالى كما قال عز من قائل: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ..)!!
أليست هذه آية وتلك آية، وكلها نزلت من لدن حكيم خبير، أما أننا فعلا نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض، ونختار من شرع الله تعالى ما نريد ونقصي ما لا نريد!
إنَّ تسلط المخربين في الداخل، وتكالب الطامعين من الخارج، ومؤازرة المستعمر العالمي لهم أحيانا، وقلة البركة في كثير من مشاريعنا، قد يكون حوبة من الله تعالى.
يقول تعالى: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) وقوله عزّ وجلّ: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ..).
فالأمن والرزق مع أن له سبله الظاهرية التي لابد من سلكها، إلا أن مصدرهما الحقيقي هو الله تعالى، وسبيلهما الأصلي الإيمان بالله والتقوى في التعامل معه.
إن احترام شريعة الله عز وجل أعمق من القبض على مجموعة آسيويين بينما الدولة كلها لا تحكِّم شرع الله تعالى، والأمر أشمل من القبض على كم فاجرة وفاجر بينما يفعل في أكثر المجتمعات الإسلامية ما نخشى أن يقع بسببه الخسف والمسخ والقذف، نسأل الله السلامة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية