العدد 2178
الأربعاء 01 أكتوبر 2014
banner
وزارة التربية... قرارات لا تحترم العلم حمد الهرمي
حمد الهرمي
ستة على ستة
الأربعاء 01 أكتوبر 2014

وزارة التربية والتعليم... الوزارة التي يتكرر ذكر اسمها في مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولا تذكر في أي منهم إلا ويكون ذكرها سلبيا، ربما ترمى في مرات عديدة باتهامات مرسلة، لكن هناك مقتضيات معنية بها وزارة التربية كشفت عن خلل حقيقي في تسيير أمورها، لست هنا معنيا بذكرها جميعا لكن علينا النظر على سبيل المثال لا الحصر إلى التعميم الذي صدر باسم مدير التعليم الثانوي ولنقس من خلاله الفكر القائم على الوزارة.
تم توزيع تعميم على كل المدرسين الذين ألم بهم مرض، سواء بسبب التدريس أو لمقادير رب العالمين وحصلوا بموجبه على شهادة طبية من اللجان الطبية يعفيهم من مهام التدريس، يقول التعميم إن كل الذين حصلوا على شهادة من اللجان الطبية التابعة لوزارة الصحة وهي الجهة القانونية الوحيدة التي تصدر هذه الشهادة بموجب قوانين الدولة المنظمة للعمل والإصابة سواء لوزارة التربية والتعليم أو أية جهة رسمية أو غير رسمية أخرى، تقاريرهم ملغية وعليهم العودة لمعاناة الفحص والمقابلة من جديد بعد أن “طلعت عينهم” حتى يحصلوا على هذا التقرير.
هذا يصدر بالتأكيد عن عقلية إدارة الوزارة حينما يستخف باللجان الطبية وصلاحيتها القانونية في منح الشهادة، ثانيا الاستخفاف بنظام الدولة في تراتبية القوة القانونية للقرارات، ثالثا فقدان الحس الإنساني حينما يبعث برسالة لمرضى من بينهم مرضى قلب، فيها ما يهددهم في وظيفتهم ومصدر رزقهم، ألا يعتقد ان هناك احتمالا كبيرا لتعرضهم بسبب الصدمة الى متاعب صحية قد تودي بحياتهم؟ ماذا سيفيد الندم أو الأسف بعد ذلك؟
الرسالة التي بعثت بتوقيع مدير التعليم الثانوي لم يذكر فيها أي سبب لإعادة إصدار الشهادة الطبية، على الرغم من أن آلية اصدار الشهادات الطبية آلية في غاية الصعوبة بل بها ما بها الى درجة ان مرضى بأمراض دم وغيره يذرفون الدموع من فرط شدة اللجان الطبية وتعنتهم في تقدير الحالات، كما ان التقدم للجان الطبية يأخذ من الوقت ما قد يستغرق أحيانا سنة كاملة ويكون لمن يرفض طلبه استئناف واحد وحيد ليشرح مرضه رغم أن اللجان الطبية مشكلة من أطباء ويعرفون أن هناك أمراضا كثيرة لا يمكن معها للمرضى الاستمرار في التدريس وتحمل اعباء التعليم.
يا وزير التعليم الناس فيهم ما يكفيهم من أذى وإزعاج، ما الذي ستستفيده الوزارة من الغاء الشهادات الطبية لهؤلاء المدرسين الذين استقرت أوضاعهم الوظيفية وشعروا برعاية الدولة لهم حينما أصابهم المرض، لماذا هذا السعي لخلق جماعة غاضبة على الدولة، لماذا نريد افشاء حالة من عدم الرضا في وسط قطاع أكثر ما يحتاج له هذه الأيام الهدوء والاستقرار.
كأن الوزارة بهذا القرار تبحث عن إما مدرسين مرضى لا يستطيعون تقديم المطلوب للعملية التعليمية فيتأثر تعليم أبنائنا، وإما أن يدفعوا بعض المواطنين الى الاستقالة وهم يحملون شعورا غير ايجابي تجاه الدولة، فتتأثر روح المواطنة اجتماعيا، فقد تنكر لهم الوطن حينما مرضوا وتعبوا.
هل يستطيع وزير التربية أن يتحمل هذا الوزر وهذا الذنب حينما يقع الضرر من اتخاذ قرار غير مدروس وغير قانوني أو أخلاقي كما هذا القرار الغامض الذي لم يحترم فكر وشعور الناس حينما ترك الرسالة بدون تاريخ وبدون أسباب، وبدون ذكر القانون الذي استند عليه في اتخاذ هذا القرار.
سقطة من هذا النوع تجعلنا نصدق كل ما يقال عن وزارة التربية وقراراتها المزاجية التي لا ترتهن الى أي مرجعية قانونية أو انسانية، وأرجو ان لا يدعي اي مسؤول في وزارة التربية عدم علمه بهذه الرسالة أو هذا التعميم فما عليه سوى الاتصال بمدير التعليم الثانوي ليستفسر، رغم ان الجهل بهذا القرار عذر أقبح من ذنب.
لدي العديد من الملاحظات على وزارة التربية والتعليم لكنني رجحت أن أبدأ بهذا القرار لأنه قرار لا يمس النزاهة أو الحكمة أو القانون فحسب بل يمس الإنسانية، فهؤلاء مدرسون أفنوا حياتهم في التعليم وهذا هو التعليم الذي ينبغي احترامه ولا يمكن احترامه ونحن لا نحترم المعلم فيه. أما اللجان الطبية فللحديث صلة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .