العدد 2166
الجمعة 19 سبتمبر 2014
banner
الحقائق الكريهة (1 - 2) انشطار العراق إلى ثلاث خالص جلبي
خالص جلبي
الجمعة 19 سبتمبر 2014

انتهى تقسيم العراق فانفلق، وقل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق، ومن شر المؤامرات إذا غطت الأفق، ومن شر حاسد إذا حسد، ومن شر طائفي إذا انفجر.
إنها حقائق كريهة صادمة، مثل دمل الأنف، ترى بالمرآة، ولكن لا يريد أن يعترف بها أحد..
أذكر تماما قصة انشطار السودان قبل أن ينفلق بعشرين عاما، بين أهل الشمال (الموندوجورو) كما يسميهم الجنوبيون، أي اللصوص النهابين لأهل الشمال. اقترحت عليهم بدل جهاد الترابي، وموت خمسين ألف شاب في حمى الجهاد المقدس، وهم بأذرعتهم السوداء يلوحون، مع بعثرة بضع مليارات من الدولارات لبلد مفلس، أن يجري الاستفتاء، وهو الذي يحكم، فأبوا، وسدوا آذانهم، وأصروا واستكبروا، حتى جاء القصاب كارتر، وشطر السودان إلى نصفين، ومازال ينشطر.
وهي نفس النكتة مع ولادة باكستان، ثم انشطارها إلى بنغلاديش وباكستان، مع موت مجيب الرحمن طبيب القلبية الذي انتزعوا له قلبه، ثم لحقها بنسف بناظير بوتو، ومازال الانشطار مهددا لما تبقى.
سنة الله التي قد خلت في عباده وهلك هنالك المغفلون.
يقول التاريخ إن من يغفل عن سنن الله؛ فإن سنن الله لا تغفل عنه.
في الطب يتجمع الخراج ممتلئا بالقيح، فإما أخرجه مبضع الجراح بضعا، وإما سمم البدن فمات المريض، أو شق الطريق لنفسه للخارج.
وفي العالم العربي يتم التكتم على كل الأمراض، من الطائفية إلى الشذوذ، إلى المذهبية والعرقية،  بل حتى من يموت في حوادث الطرق؛ فهي أسرار حربية؟ حتى تنفجر الأمور فتخرج عن السيطرة، مثل أي طبيب خايب.. وحاليا يقرأ من يخرج من مطار الرياض بلوحة لا تغيب عن نظر أي سائق حجم الكارثة وكم عدد القتلى في حوادث الطرق؟
وفي هولندا يتزوج الرجل من الرجل فقد اعترفوا بهذا الوضع المريض فعالجوه بالصراحة والوضاحة والتقبل.
وما ينطبق على هولندا لا ينطبق على إيران، ولكن  هي قوانين نفسية اجتماعية يجب التعامل معها..
ولا أفضل من الصراحة والوضوح.
وأنا قمت بتجربة فسألت ثلاث مناطق من العراق، من أشخاص ينتمون للثلاثي المتنازع، ثم وزعت لهم أجوبة كل واحد إلى الطرفين الآخرين طالبا للتعليق؟
فأما صديقي (الحلاوجي) من الموصل من (المثلث السني) فحكى لي الوضع من وجهة نظره؛ وأنا لي أصدقاء من الملل والنحل الثلاث، من شيعة وسنة وأكراد، فأما الموصلاوي السني فقد سألته عن الأوضاع وهو في الأتون، فأجابني على الشكل التالي:
“السنة في العراق ليسوا سواء، فثلثهم البعثي مازال ينتظر خلف الحدود، وثلثهم الثاني لبس عباءة المجاهد، وهو يتسلم أجره بالدولار من خلف الحدود أيضا، والثلث الباقي ينتظر الخطة الأمنية، ليدفع له ثمن السكوت، وأيضا بالدولار. لا مرجعية فكرية معتبرة إذن تشد أزر هذه الأثلاث. إنها فوضى المصير. أؤكد لك قيام دولة شيعية، تبتلع السنة في العراق، ما لم يسرع الأميركيون في إنشاء الأقاليم الثلاثة، وفصل هؤلاء عن هؤلاء... والله اعلم.
“بالغ تقديري لشيخنا الجليل وبوركت للحق منارا”.
فقمت من طرفي بنقل هذا التصور لأخ شيعي هرب بأهله إلى الدنمارك، وآخر كردي في جبال الجان من كردستان، فكان جواب الكردي التالي: “الأخ  عزيز المحترم: أنت تكلمت عن السنة العرب، ولم تأت على ذكر السنة الأكراد، وهم كذلك ليسوا سواء.
فمنهم من يرى الأميركان  خيرا من الحكام العرب، في مساعدتهم لنيل حقوقهم القومية والإنسانية، وان تجربتهم مع السلطة العربية  قاسية ومؤلمة  وإقصائية.
ومنهم من يرى أن الوضع الحالي لا يمكن أن يدوم  مع الأميركان، والوضع الإقليمي المتأزم، وكذلك لا يمكن أن تأتي الديمقراطية، من يد تجار الحرب، ولكن كما يقول البغداديون “شنو اللي صبرك على المر.. الأمرّ منه”؛ ورأي الأكثرية أن الانفصال هو خير علاج، وأنا أقول اللهم اهد قومي إنهم لا يعلمون.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .