العدد 2167
السبت 20 سبتمبر 2014
banner
الوعي الانتخابيّ محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 20 سبتمبر 2014

التصور الشائع لدى الكثيرين هو أنّ دخول المجلس النيابيّ أشبه بنزهة على شاطئ البحر. أما البعض الآخر فإنهم للأسف لم يكونوا يرون من النائب سوى الوجاهة والمرتب العالي اضافة الى العلاوات والسفرات في بلاد الله الواسعة. وهذا ليس إلاّ الجانب السهل والمكشوف أما الجانب الآخر وهو الأصعب فلا يريدون رؤيته وهو التعاطي مع قضايا المواطنين بمهنية عالية. الذي يشغل فكرنا كثيرا هو هذا الانفصام الحاد بين من قدر لهم الفوز بالمقعد النيابيّ والمهمة التي نذروا انفسهم لها اي بين تصريحاتهم المجلجلة في الاعلام وتحت قبة البرلمان وسلوكهم في الواقع وبين الحقيقتين بون شاسع. لابدّ أن يكون هناك تطابق بين النائب وما يطلق من وعود.
لا نفهم كيف يمكن لمن يزعم أنه ممثل للشعب أن يتحدث عن مشروعات وفي المقابل لا يسعى لتجسديها افعالا حية. لا يمكن للنائب ان يكون له وجهان وجهٌ باطنيّ ووجه مرئيّ. ليس بمقدوره ان يضع قناعين في آن واحد أحدهما للاستخدام الشخصيّ والآخر يواجه به الجمهور.
كم كنا نتمنى لو انّ هؤلاء حين يعجزون عن اقران اقوالهم بالأفعال أن ينسحبوا من المشهد السياسيّ الانتخابيّ حفاظا على صورتهم لكنّ المفارقة أنّهم يصرون على اعادة التجربة رغم أنّ صورتهم المنطبعة في الاذهان باتت مهزوزة ولا يشفع لهم ما يضفون عليها من رتوش.
لابدّ أن نستثني قلة منهم. هم الذين منعتهم الحاسة السادسة من التورط في هذا الامتحان. ومما يثير الاستغراب والدهشة أنّ هؤلاء كانوا قد تلقوا العروض والدعوات المغرية لكنهم كانوا يعتذرون بابتسامة ويهربون بريشهم. لا تنصلا من واجب ولا فرارا من مسؤولية لكن استجابة لنداء داخليّ وقناعة ذاتية بأنّ هناك من هم أكثر خبرة وكفاءة أحق منهم وأجدر بالنهوض بأعباء العمل البرلمانيّ وبهذه المسؤولية الجسيمة. وكلما أوشكوا على الاستسلام للعرض قرعت اجراس الضمير بداخلهم منبهة اياهم بثقل الأمانة فيعلنون بشجاعة منقطعة النظير رفضهم للاستجابة.
الذّي نتمناه ونحن على موعد قريب من إعلان الاستحقاق الديمقراطيّ ألاّ يستسلم من قرر خوض المعترك الانتخابيّ لإغراءات المرتب ووجاهة المنصب وأنّ عليهم التفكير بجدية لما هم مقبلون عليه حفاظا على مكانتهم لدى الجمهور.
إننا نستذكر بين الذّين فازوا بالمقعد النيابيّ على مدى السنوات الفائتة من استطاعوا النهوض بالمسؤولية النيابية على خير وجه، الذّين غلّبوا المصلحة العامة على الذاتية وتعاطوا مع الملفات بإخلاص ومهنية فاستحقوا تقدير الشعب لهم. انّ ما كسبوه من ثقة الناخبين لم يكن مصادفة أو ضربة حظ بل جاء نتيجة حتمية لاخلاصهم وتفانيهم في حمل الامانة ومع ما يتطلبه العمل البرلمانيّ وتواصلهم الفعال والإيجابيّ مع هموم الناس وقضاياهم والأهمّ مما تقدم هو تعاملهم مع ناخبيهم بصراحة وشفافية وكان نهجهم هو أنّ الوعود لوحدها لا تحقق الانجازات.
إنّ مهمة النائب صعبة ودقيقة لأبعد الحدود لأنها تعنيّ تعهدا كان قد قطعه لأبناء دائرته الانتخابية أي العمل الدءوب على حل قضاياهم ومتابعة مشاكلهم المزمنة والآنية لا ان يتهربوا من الوعود بمجرد اعلان النتائج وممارسة اساليب المماطلة.
وبكلمة مختصرة فإنّ على المترشح الذي يحترم ذاته أولاً والناخبين ثانياً ألاّ يزج بنفسه اذا لم يتمتع بالكفاءة والخبرة التي تمكنه من العمل. أما الناخب فإنّ عليه التفكير بجدية أكبر لمن يمنح صوته ذلك أنّ صوته سيحدد مستقبله والمسألة ليست متروكة للمجاملات من أي نوع. وعلى الآخرين عدم التدخل في توجيه الجمهور أو فرض أية وصاية عليه. والأهم هو وصول المرشح الاكفأ بصرف النظر عن انتماءاته.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية