العدد 1890
الثلاثاء 17 ديسمبر 2013
banner
ارفعوا الظلم عن المتقاعدين محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الثلاثاء 17 ديسمبر 2013

رفض الحكومة المقترح النيابي برغبة والمتضمن “إعفاء المسنين والمتقاعدين من القطاعين العام والخاص من الرسوم الخاصة بالخدمات الحكومية وتجديد كافة الوثائق الرسمية” شكل صدمة لا لأعضاء المجلس النيابي وحدهم، بل أيضا وبدرجة أقسى ومضاعفة للمتقاعدين والمسنين. أمّا الحجج والتبريرات التي ساقتها الحكومة بعدم الأخذ بالاقتراح نظراً لصعوبة حصر أعداد المتقاعدين والمسنين! الأمر الذّي يتعذر معه تحديد نسبة المتقاعدين المستفيدين من الإعفاء من الرسوم من نسبة عدد الحاصلين على الخدمة. 
لم يعد المبرر السالف مقنعاً لسبب في غاية البساطة، وهو أن أعداد المتقاعدين والمسنين موثقة لدى وزارات الدولة المعنية بهذه الفئة، وبالتالي فلا مجال لإيراده كذريعة للرفض. الحكومة ايضاً قالت بأنّ تطبيق الاقتراح النيابي من دون دراسة وافية سيؤثر سلباً في تخفيض إيرادات الدولة بصفة عامة، وهو ما يفضي إلى أعباء إضافية على الميزانية العامة للدولة. وهذا يفتح الباب على مصراعيه لمطالبات مماثلة من قطاعات وشرائح اجتماعية أخرى مما يشكلّ - طبقا لرأى الحكومة – يحول دون قيام الجهات الخدمية بمهامها، بل يشكل عاملا طارداً للاستثمار وعلى عملية التنمية.
كان الأصل في المقترح المقدم من لجنة الخدمات بالمجلس النيابي هو إعفاء المتقاعدين والمسنين من خمسين بالمئة من الرسوم المتعلقة بالمعاملات في دوائر الدولة. لم خافيا على أحد أوضاع هؤلاء المتقاعدين، وهم على أدراك بأنّ بالمتقاعدين يمرون بأزمات مالية صعبة. ومقترح الإخوة النواب كان يهدف إلى التخفيف عنهم تقديراً لظروفهم. إنّ المطلوب اليوم من أعضاء المجلس النيابي الإصرار على مقترحهم، وهم بلاشك يملكون من الإدوات ما يمكنهم من تمرير المقترح المذكور.
من قدر له متابعة جلسات المجلس النيابي، فإنه يدرك أن النواب عبروا عن غضبهم وانزعاجهم لرفض الحكومة المتكرر والدائم  لمقترحاتهم وتحفظها على المقترحات الأخرى. ويشعر هؤلاء النواب بالإحراج أمام المواطنين كونهم باتوا غير قادرين على تلبية مطالبهم. الحكومة بين الفينة والأخرى تحاول التذكير بأنّها حريصة على أوضاع المتقاعدين ومراجعة معاشاتهم التقاعدية؛ لتكون متماشية مع غلاء المعيشة.
إنّ الاهتمام بالمتقاعدين يكتسب أهمية استثنائية، ففضلا عن كونه واجبا وطنيا لهذه الفئة من المواطنين التي أعطت بلا منة في الزمن الصعب، فإنه بالقدر ذاته مطلب بالغ الأهمية، وهو من صميم مسؤولية الدولة الواجب عليها مراجعة أحوالهم دون الانتظار من المجلس. إنّ الجميع اليوم مدرك أنّ شريحة المتقاعدين تعتبر أكثر الشرائح التي وقع عليها الظلم؛ لكون رواتبهم بقيت كما هي منذ سنوات، بينما الزيادات والحوافز من نصيب إخوانهم الموظفين.
تجدر الإشارة إلى أنّ المتقاعد تنقطع عنه كافة أشكال الزيادة منذ أول يوم لترك الخدمة. وأعتقد أنّ هذا لا يليق بمن قدموا التضحيات الجسيمة للوطن وأفنوا زهرة شبابهم من أجل رفعته وازدهاره. نحن نعلم أنّ الدولة وضعت بعض الحوافز لدفع الموظفين للتقاعد قبل سنوات، لكننا نعتقد أنّ عدم منح المتقاعدين أي امتيازات سيؤدي بمن لا يزالون بالوظيفة اليوم إلى البقاء سنوات أطول، وهذا بدوره لا يتيح الفرص أمام الخريجين الجدد للعمل. وهو ما يتعارض مع سياسة الدولة خلق فرص عمل جديدة أمام أفواج الخريجين.
ويبقى التذكير إلى أنّ المتقاعدين يخسرون ما نسبته عشرين بالمئة على الأقلّ من رواتبهم الأصلية، وكان يفترض تعويضهم عنها لا إهمالهم وتجاهل تاريخهم وعطائهم طوال سنوات العمل.        
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية