العدد 2784
الأحد 29 مايو 2016
banner
سفراؤنا وسفراؤهم من يجرؤ على الكلام؟ أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 29 مايو 2016

تقول الحكمة موجزة موضوع اليوم: فَدَارهِم ما دُمْتَ في دارهم.. وارضِهم ما دُمْتَ في أرضِهم.. وحيّهم ما دُمْتَ في حيّهم.
لكن يبدو أن سفراء الدول الكبرى للأسف الشديد لم تصلهم هذه الحكمة حتى ولو وصلتهم عن طريق ناقل أو مترجم من مترجمي السفارات وعادة لا يترجمون الحكم بل المعلومات التي تسعى للنيل من هذه الدول وإحداث الفوضى فيها حتى لو جاء هذا التدخل في شؤون الدول الصغيرة من باب الفضول لكنه في النهاية يؤدي لتشويش الرؤية في هذه الدول، وأحيانا تأتي هذه التدخلات ظاهرها حسن النية وباطنها سوء النية، بل وراءها مشاريع خبيثة لزرع الفتن والفوضى وإلا لماذا نشهد هذه التدخلات تنتعش ويزدهر سوقها وقت ان تشهد دولنا الخليجية والعربية هدوءاً واستقراراً فتأتي هذه التدخلات بالذات من قبل السفارات الاجنبية في الدول الصغيرة التي تراعي متطلبات الدول الكبرى، وإلا لماذا لا نرى تصريحات السفراء الأجانب في الشأن السعودي على سبيل المثال مثلما نراها كل يوم في شؤون البحرين من قبل سفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا وحتى ألمانيا وإيطاليا دخلتا على الخط وراحتا تدليان بتصريحات في الشؤون البحرينية، وسواء كانت هذه التصريحات ايجابية أو سلبية هل من اختصاص السفراء المعتمدين في الدول أن يدلوا بتصريحات تتعلق بشأن الدول في شؤونها الداخلية وأمنها واستقرارها، هل  يجرؤ على سبيل التبادل، أن يدلي سفراء البحرين في هذه الدول بتصريحات في الشأن السياسي هناك، مثلا، هل يمكن لسفير البحرين في أميركا أن يتحدث لوسائل الاعلام هناك عن استخدام الشرطة الأميركية القوة المفرطة في انهاء الاعتصامات التي جرت مؤخرا في اكثر من ولاية؟ أو على الاقل هل يمكنه أن يتحدث عن تداعيات هروب سنودن موظف الاستخبارات المعلوماتية الاميركية إلى روسيا أو حتى يتحدث عن تجارة المخدرات هناك؟
لو تأملنا الطريقة التي يتحدث فيها السفراء الأجانب عندنا عن شؤوننا المحلية وخصوصا الدقيقة والحساسة لوجدنا ان هذه الظاهرة لا يمكن أن نجدها في هذه الدول الكبرى فيما بين بعضها البعض، فهناك بروتوكل لا يتدخل فيه السفير في الإدلاء بتصريحات وأحاديث عن شؤون الدول ذات الحساسية، كل ما يمكن ان يقوله السفراء هو الحديث عن علاقات الدول وأهمية التعاون والمشاريع بين الدول بعضها ببعض والأفكار وتبادل المصالح... لكن كما نراه اليوم في البحرين، لا يمكن أن يجرؤ سفير أميركي على سبيل التدليل أن يتحدث عن ضرورة التفاهم بين الحكومة والمعارضة في الصين وإلا طُرد من بكين بعد ساعة من حديثه، أما عندنا هنا فحدث ولا حرج، عن ما يمسى بالمعارضة الدمرة وعن الحوار الزفت والمصالحة الوهمية وحتى عن مستقبل البلاد السياسي يتحدث هؤلاء السفراء عندما يذكرون أن على البحرين أن تراعي خلال الفترة القادمة كذا وكذا، والسؤال من هم وما هي صلاحياتهم بل من خولهم رسم مستقبل بلادنا؟ ولماذا أساساً هذه الاحاديث والتصريحات التي لا تليق بعمل السفراء؟
لقد اصبحت ظاهرة التدخل والتصريحات والأحاديث ظاهرة راسخة في المجتمع البحريني، وتحولت إلى  تقليد وقاعدة تمر من دون عمل رسمي من قبل الدولة يضع حداً لها، أذكر انه ذات مرة علق مبعوث أميركي على وضع تركيا في الموضوع السوري لم تهدأ بعدها الخارجية التركية إلا بانتزاع تأكيد من الخارجية الاميركية باحترام الشأن التركي؟
هل يمكن للسفير البحريني في لندن الحديث في شأن الاستفتاء البريطاني بشأن الوحدة الاوروبية؟ وهل يجرؤ السفير البحريني في موسكو على الادلاء بتصريح أو حديث حول تدخل روسيا في سوريا؟ وهل يجرؤ سفير البحرين في المانيا على الحديث عن تدفق اللاجئين على المانيا وظاهرة العنصرية ضد العرب هناك؟
هل في امكانية سفرائنا ممارسة هذه الظاهرة التي يمارسها سفراء هذه الدول عندنا بكل صفاقة وبرود دم من غير أن يردعهم مسؤول في الدولة؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية