العدد 2605
الأربعاء 02 ديسمبر 2015
banner
“أسمع جعجعة ولا أرى طحناً” أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 02 ديسمبر 2015

هذا المثل يضرب لكثيري الصخب من الناس بلا فائدة، كما يضرب للشخص الذي قوته في لسانه ويتحدث من غير إنجاز، ويضرب عند كثرة الخطب والمظاهرات والكلام دون أفعال حقيقية ودون مواقف، فحينها يقولون أسمع جعجعة من كثرة ما سمع من الكلام الفارغ عن مضمون حقيقي فلا يرى طحناً أي أفعالاً.
(جعجعة بلا طحن (Much Ado About Nothing) هي مسرحية لشكسبير حيث يترجمها البعض -  ضجة بلا فائدة أو ضجة فارغة.
أسئلة في زمن الأزمة، هل نتوقع استمرار الأزمة المالية في البحرين واشتدادها؟ هل عانت الدول الشقيقة في مجلس التعاون كالبحرين؟ لماذا لم نر حتى الآن اجراءات مماثلة ومخاوف وقلقا مماثلا كما يشعر به المواطن البحريني؟ هل هناك أزمة ولم يفصح عنها؟ أم أن المسؤولين في الدول الشقيقة عالجوا الأزمة بهدوء بعيداً عن الصخب الإعلامي والتشهير النيابي؟
إذا كان الأمر بهذه السوء والخوف والقلق من الأيام القادمة، فلماذا نرى مجلسي النواب والشورى غارقين حتى اللحظة في مناقشة رواتبهما وتقاعدهما؟ هل حقاً هناك مجلس وطني؟ لماذا لا يتحرك أحد للقيام بحركة تاريخية مثلما تفعل البرلمانات العالمية في الأزمات بإعلان يأسها من سياسة استمرار الأزمة؟ متى نرى الحركة التاريخية للمجلس؟ أجزم وأقسم وأشدد أنها لن تأتي لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فأغلقوا هذا الباب ولنبحث عن مورد آخر للبحث والدراسة وفهم ما يجري والتعاطي معه.
أسئلة أخرى، لماذا أثري كثيرون منذ بدء التخريب والإرهاب وبدى الثراء في صفوف قادة المخربين ودعاتهم بينما زاد فقر المضللين من الأطفال والشباب؟ وفي الجانب الآخر لماذا زاد ثراء الوسطاء والمناورين والمدعين ومن يسوقون أنفسهم على أنهم وسطاء بين القيادة والدولة وبين من يسمون بالمعارضة وأية معارضة هذه طالما هي طابور خامس لإيران؟ لماذا مازال الاعلام الخارجي للإرهابيين  تصرف عليه الملايين فيما إعلام الدولة فقير ولا يكاد يتنفس؟ لماذا يستمر الإهدار في مجالات كالمسابقات بمختلف اشكالها التي يرعاها بعض المسؤولين ويتم التقليص والتقشف في مجالات تمس المواطنين مباشرة؟
من يتأمل الساحة سيجد البعض مهتما بالتصريحات والخطابات التي تهدف فقط للإثبات بأننا موجودون ونعمل؟ أين دور رجالات الفكر والسياسة والاقتصاد والخبراء الذين يحتلون مناصب الرؤساء التنفيذيين في المؤسسات الاقتصادية؟ أين رؤيتهم وحساباتهم في الوضع؟ لماذا فقط يكتفون برواتبهم ولا نسمع منهم رأيا فيما يحدث؟ هناك من يذهب ومن يأتي، نرى مواجهة مع بعضهم البعض من أجل الانتصار الذي لن يفوز فيه بالتأكيد أحد سوى الخسارة للجميع وأولهم الوطن والناس والأجيال.
إن نقاشنا وصخبنا وصراخنا اليوم واحتدام معاركنا مؤشر على ان هذا البلد لا يمكنه ان يعيش طويلاً على هذا الصراع، إما أن يبني نفسه ويغادر كهف الصراعات بين أبنائه ويعمل الجميع من أجل الغد أو ان يتحول هذا المجتمع الى صومال آخر بيد أبنائه أنفسهم.
لو تأمل أي منكم الوضع الذي عليه اليوم الجميع لاكتشفنا أننا نوهم أنفسنا بمعارك لا وجود لها الا مع طواحين الهواء، نحن لاهون ومنغمسون في الشعارات والتصريحات، ومن الغريب ان رجال الدين والسياسة والنواب والخطباء لن يوقفوا الأزمة بالجعجعة ولن يسهموا في حلها بل هم يطيلون أمدها ولهذا استمرت الأزمة حتى الآن وأبسط مظاهر هذه الأزمة استمرار الحديث عنها وتكرارها على الألسن، استمرار الأزمة نحن صنعناه ونحن قادرون على تجاوزه مثلما فعلنا في الماضي حينما كنا نملك إرادتنا ولم نتردد.
قبل نصف قرن من الزمن مرننا بأزمات كثيرة وفي كل مرة نخرج منها أقوى، فلماذا لا نعمل كما فعلنا قبل ثلاثة عقود بلا جعجعة فارغة وبلا ديمقراطية وأخواتها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية