العدد 2451
الأربعاء 01 يوليو 2015
banner
بدأ الإرهاب من هذه النقطة أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 01 يوليو 2015

حينما سمحنا لرجال الدين أن يعلوا أصواتهم فوق القانون بدأ الإرهاب، لقد أهدرنا طاقة شعبنا في الكلام الفاضي ولم نعد نعرف الطريق أين.
قرأت مؤخرا كل ما كتب وقيل في فجيعة أهلنا في الكويت بالهجوم الإرهابي الغادر وتابعت كل التحليلات وما قيل حول الموضوع فوجدت أننا نكرر عند كل حادث ومأساة نمر بها الكلام ثم ننسى، وبعد أيام ننسى ما حدث والحياة والقطار على ذات السكة، لا قوانين تطبق ولا أفعال تنفذ ولا قرارات تتخذ وتسأل أين ذهب كل ذلك البكاء والنحيب والعويل والصراخ وقت الفجيعة؟
إن الأمة التي تضيع طريقها وتفقد اتجاهها ولا تدرك أين يقودها المجهول هي أمة كتب عليها الضياع ومن المؤسف أننا تورطنا في السياسة منذ سنوات وكل ما يحدث اليوم هو من صنع دولنا وشعوبنا والكل يتحمل المسؤولية عندما سكتنا وأغمضنا أعيننا ونحن نرى الأخطار منذ البداية ولم نتحرك فكانت هذه النتيجة.
هل تظنون أن داعش نتيجة اليوم فحسب؟ هل تظنون أن الإرهاب يقوده تيار السنة فحسب؟ هل تظنون أن الإرهاب مرتبط بحادث أو حادثين هنا وهناك فقط؟ ماذا عن الإرهاب الذي ضرب البحرين منذ التسعينات وحتى الساعة هل لأنه فقط باسم الديمقراطية والإصلاح؟
لنكن واقعيين.. منذ أن خرج علينا رجال الدين شيعة وسنة وراحوا يطالبون بالديمقراطية والإصلاح بدأ الإرهاب؟ منذ أن علت كلمة رجال الدين فوق القانون بدأ الإرهاب؟ منذ أن سمحنا للتخريب والحرق والتدمير باسم الديمقراطية بدأ الإرهاب، إذا لا نأتي اليوم ونبكي ونفجع في كل هذا الدم الذي يسيل، لأننا كنا نرى البدايات ونرى الديمقراطية أين تسير وإلى ماذا تقود وسكتنا وسمحنا للأجنبي أن يخدعنا بدفعنا للسماح للمتشددين شيعة وسنة أن يرفعوا صوتهم فوق القانون باسم الديمقراطية؟ لقد حذرت من قبل حينما وقف وزير بحريني في موقع حساس وقال إننا سنحاكم رجال الأمن عند تجاوزهم، ونسي لماذا يتجاوز رجل الأمن؟ وما الدافع إلا إذا ما تجاوزت الأمور حدودها وفقد الصبر؟ لقد بلغ بنا الأمر باسم الديمقراطية أن نضع رجل الأمن في السجن ونفرج عن المخرب، هذه هي النتيجة؟ في أميركا قتل رجال الأمن عشرات المواطنين الأبرياء الذين لم يفجروا ولم ينسفوا ولم يحرقوا وكل ما فعلوه هو مقاومتهم الاعتقال وحتى الآن لم يوضع رجل أمن واحد في السجن ونحن نفخر بأننا نحاكم رجل الأمن، هذه هي النتيجة.
سوف يستمر الإرهاب وسيضرب في كل يوم في وطن وفي مكان لو استمرينا في هذا الطريق، لو خدعنا بلعبة الديمقراطية الدمرة، لقد كشفت لي الأيام الماضية كم جريمة ارتكبت باسم الديمقراطية، لقد أرهقنا أنفسنا بالحديث عن الديمقراطية، حتى نوابنا وشوريونا وصحافيونا وجرائدنا لا ينفكون عن الحديث عن الإصلاح وهم يرون الإصلاح تخريبا، وعندما تقول شيئاً مختلفاً عما يرددونه مثل البغبغاوات، تكون تهمتك موالاة النظام والتكفير، فعن أية ديمقراطية إذا نتحدث والدماء تراق تحت قدمها؟ وكم أضعنا من الوقت والجهد والمال نخدع به أنفسنا؟
لقد اكتشفت واكتشف غيري كم أضعنا من العمر في وهم كبير اسمه الديمقراطية، وما هي إلا إرهاب، لقد اقترنت هذه الكلمة بالكذب والخداع وبدلاً من أن تكون وسيلة لكشف الحقائق أصبحت علامة مميزة للإرهاب، ففي الكويت حماها الله من كل شر جرائد وفضائيات وحسينيات ومساجد وأبواق وفوضى عارمة باسم الديمقراطية وحذرنا إخواننا طوال السنوات الماضية من هذا الانفلات الذي سينعكس عليهم وعلينا وعلى كل المنطقة، وهذه هي النتيجة كما نراها، دماء وأشلاء، بدأت بعبارة الديمقراطية واستعرت الحرب شيعة وسنة وتطرفا وانفلاتا كلاميا وردود أفعال من هذا على ذاك وانتهت بالدم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية