العدد 2178
الأربعاء 01 أكتوبر 2014
banner
الحجاب في أستراليا
ستة على ستة
الأربعاء 01 أكتوبر 2014

ما إن انتهيت من مقالي السابق حول «الإرهاب والحجاب» الذي حاولت فيه توضيح جانب من جوانب التناقض بين ما يرفع من شعارات «لينة» تجاه الإسلام والمسلمين وما يمارس ضدهم من ممارسات وسلوكيات «خشنة» حتى ظهرت لي حكاية وقصة أخرى تسلط الضوء على جانب آخر من هذا التناقض.
ففي لفتة، قيل إن الهدف منها التعبير عن مشاعر «الحب والتضامن» مع المسلمات في أستراليا، قامت الفتاة «المسيحية» كيت ليني والتي تبلغ من العمر 27 عامًا بارتداء الحجاب لأسبوع كامل، ما جعلها تتأكد وتتعرف على معاناة أفراد الجالية المسلمة في أستراليا، وكيف أنه مازالوا يعانون ألوانا من التمييز والمضايقات.
دافع الفتاة لهذه التجربة هو ما وجدته من مضايقات لصديقاتها المسلمات وخوفهن من ارتداء الحجاب في الأماكن العامة على خلفية توجيه اتهامات لمسلمين في أستراليا بالانتماء لجماعات إرهابية، وفي ظل تصاعد اللهجة المعادية للإسلام في الخطاب العام.
ووفقًا لما جاء على لسان الفتاة «ليني» ونشرته بعض الصحف ومن بينها الديلي ميل، فقد كانت التجربة مثيرة وعرضت صاحبتها للكثير من المواجهات، إذ كثيرا ما كانت تتعرض لمضايقات من جانب مجتمعها «المسيحي»، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها: قيام سيدة وابنتها باعتراض طريقها بسيارتيهما، لمنع ليني من المرور، والخضوع لإجراءات تفتيش قاسية في المطارات.
يرجع البعض هذه الأحداث والمضايقات إلى ما يعرف بتنظيم «داعش» الذي كشف النقاب مؤخرا عن مقاطع فيديو لعمليات قطع الرؤوس، وقيام الداعشي نعمان حيدر، 18 سنة، بطعن اثنين من ضباط شرطة مكافحة الإرهاب في ملبورن الأسترالية، بالسكين.
ولكن قد يكون هذا صحيحًا إن كانت هذه الممارسات مستجدة أو طارئة على المجتمع الأسترالي وليست تعبيرًا أو امتدادًا لسلوك ممتد عبر سنين طويلة كما هو واقع فعلاً.
في ظل هذه الأجواء الملتبسة، يكتسب الاحتفال باليوم العالمي للحجاب في الأول من فبراير من كل عام، أهمية خاصة في أستراليا للتأكيد على أن الحجاب لا يحمل أية مخاوف أو دلالات خاصة.
صاحبة المبادرة في الاحتفال باليوم العالمي للحجاب هي «نظمة خان» ذات الأصل البنغالي والتي وصلت للعيش في الولايات المتحدة الأميركية عندما كان عمرها إحدى عشرة سنة وواجهت العديد من الصعوبات بسبب ارتدائها الحجاب، إذ واجهت تمييزا قاسيا بسبب حجابها، حيث تطلق عليها ألقاب مثل باتمان والنينجا وأسامة بن لادن والإرهابية، مما دفعها إلى اعتبار أن الطريقة الوحيدة لوضع حد لهذا التمييز هي دعوة النساء لتجربة ارتداء الحجاب.
إلا أن من أطلقت دعوة يوم الحجاب في أستراليا هي «افايفل أباربانيل» وهي يهودية أسترالية، لإيصال رسالة للنساء المسلمات مفادها ان هناك أناسا يرفضون ما يعانينه وأنهن لسن مهمشات أو مكروهات.
وعن تجربتها في ارتداء الحجاب ليوم واحد، قالت العضو في مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي الأسترالي «ناتاشا دسبوجا» بأن ارتداء الحجاب ولد لديها شعورا متضاربا، وأنها لا تعتقد ان أية امرأة وهي من بينهن لديها جواب سهل بالنسبة لارتداء الحجاب، مشيرة إلى أن قيامها بارتداء الحجاب ليوم واحد هو للتعبير عن دعم حق المرأة المسلمة بارتداء الحجاب والتأكيد ان القضية ليست محصورة في معتقد معين بقدر ما هي مسألة تخص حرية الخيار لدى النساء المسلمات.
شعور طيب ومشاركة محمودة لغير المسلمات في بعض الفعاليات للتعبير عن التعاطف مع المسلمات في أستراليا وإيصال رسالة للجهات الرسمية بضرورة عدم التمييز بين الجانبين، إلا أن هذه المبادرات أيضًا ومن بينها ما أقدمت عليه الفتاة المسيحية «ليني» واليهودية «أباربانيل» تعكس وجود مستوى غير مقبول من الانتهاكات والتجاوزات بحق المسلمين في أستراليا وهو ما يتضح بقوة في التحذير الذي أطلقته رئيسة وزراء استراليا جوليا جيلارد في العام الماضي، حيث طلبت من «المتعصبين» بالشريعة الإسلامية التي لا تتوافق مع التقاليد الغربية مغادرة الأراضي الاسترالية، معلنة عن تأييدها لوكالات التجسس التي تراقب المساجد في استراليا، قائلة في إحدى الخطابات موجهة حديثها للمسلمين: «إنها بلدنا، أرضنا وأسلوب حياتنا، ونسمح لكم بالاستمتاع بكل ذلك في كل مناسبة. ولكن إذا واصلتم الشكوى والتذمر من علمنا وقسمنا ومعتقداتنا المسيحية وطريقتنا في رؤية الحياة، أشجعكم بشدة على اغتنام فرصة الحرية الكبيرة التي نتمتع بها في أستراليا، وهي «حق الرحيل». وإذا كنتم غير سعداء هنا، فارحلوا! لم نجبركم على المجيء إلى هنا. أنتم طلبتم المجيء. إذًا اقبلوا البلد الذي قبلكم».

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .