العدد 2171
الأربعاء 24 سبتمبر 2014
banner
وزارة الصحة... فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى د.عمران الكبيسي
د.عمران الكبيسي
الأربعاء 24 سبتمبر 2014

هي ليست شكوى نرفعها ولا مظلمة نقدمها، وإنما ذكرى، “وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ”، ولا نحن بغافلين عما تقدمه وزارة الصحة من خدمات جليلة للمواطنين والمقيمين في مملكة البحرين، ولا نبخس جهود الوزراة في مسيرتها نحو التطور والتوسع بتقديم الخدمات العلاجية والوقائية محاولة منها للوصول إلى مستوى أرقى وأفضل بالمتوافر والمستطاع، وأنا من الشاهدين على هذا التقدم الملحوظ والفرق الشاسع بين ما كانت عليه الحال قبل عشر سنوات وما عليه الحال فيما يقدم من خدمات طبية وصحية اليوم، والاعتراف للآخرين بالفضل من الإنصاف، بيد أن “الحلو لا يكمل” كما يقول المثل، والواقع المثالي صعب التحقق، والأمثل لم يولد بعد، وهذا ديدن الحياة وجوهر السعادة فيها.
ليس من الضروري أن يكون الصحافي ملما بالجزئيات والتفاصيل وما خلف الأشياء دائما، فالخريطة على الورق ليست كما هي على الأرض، والحقيقة لا يمتلكها فرد، “نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مّن نّشَاءُ وَفَوْقَ كُلّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ”، فيكفي الصحافي أن يرصد ويشاهد ويعطف النظر، ولا يكفي وزارة الصحة العناية بالشباب وكبار السن وتوفير الأدوية وأسرة المستشفيات، أو العناية بجانب على حساب آخر، وباعتقادي هناك حلقة شبه مفقودة هي الصحة المدرسية، المدرسة بمفردها مجتمع وبيئة تحتاج إلى عناية خاصة تختلف عن غيرها، وينبغي أن يكون لها نشاط مكثف ووحدات خاصة متكاملة يتوافر لها باحثون مؤهلون يتابعون ما يستجد وما لا يخطر لغيرهم، ومنذ زمن أقرأ ما يكتب عن ثقل الحقيبة المدرسية وآثارها السيئة على نمو القامة واستقامتها وخلوها من العاهات مستقبلا، ومع كل الأسف كان ينبغي لوزارة الصحة وهي المعنية بهذا الشأن دور أساسي وموقف حازم ومتابعة جادة قد تكون موجودة ولكن لم ألاحظ نتائجها فإلى متى نكتب ولا من يسمع ولا من مجيب.
بالأمس كانت لي مراجعة إلى شعبة طبابة للأسنان في أحد المراكز الطبية مع أحفادي، ونعرف صحة الأسنان من المهمات الأولى للوقاية من أمراض كثيرة شائعة تبدأ جذورها من الصغر، وفوجئت ألا وجود لاختصاصي بأسنان الأطفال، ولا عيادة مركزية متخصصة بالأسنان، وإنما هي شعب ملحقة بالمراكز الطبية، وينبغي للمراجع ان يبكر في مراجعتها قبل بداية الدوام بساعة أحيانا، وحين ناشدت الطبيب ان يجعل مراجعة الطلاب مساء طالما العيادة موجودة وتباشر أعمالها لكي لا يتخلف الطلبة عن مدارسهم، قال نعطيهم يوم إجازة للراحة، قلت له يحتاجون إلى أكثر من زيارة معناها سيتعطلون عن الدراسة عدة أيام، فوجدت أنهم لا يباشرون ولا يستقبلون مثل هذه الحالات مساء، ولا تبرير لذلك، مع أن شعبة الأسنان مفتوحة تباشر أعمالها مساء، وفوجئت أكثر حينما يكون الموعد بين زيارة وأخرى ثلاثة أشهر وربما اكثر، وأعتقد مثل هذه المواعيد مبالغ فيها وغير واقعية، كما وجدت إحدى الموظفات جلبت ثلاثة أبناء فعالج الطبيب اثنين منهم ورفض الثالث، قالت هم في مدرسة واحدة وأنا موظفة لا يمكنني متابعتهم فرادا، والطفل المتبقي اكثرهم حاجة للعلاج الملح ويتألم، طلبوا منها جلبه مساء ربما ليعطى موعدا في صباح يوم تال، فاضطرت كما تقول إلى الذهاب مباشرة لطبيب خاص. لذلك أعطف نظر وزارة الصحة إلى ضرورة وجود عيادة طبية مركزية متخصصة مع مختبرات تضم اختصاصات مختلفة “حشوات” “جذر” و”تقويم” و”تركيب” ولاسيما للصحة المدرسية، العيادات الطبية مشكورة تصرف أدوية للأمراض المزمنة لكبار السن وغالية الثمن فلماذا لا تصرف على أجيال قادمة ينبغي إعدادها إعدادا سليما مسبقا لتلافي آثار ما يمكن تلافيه في الكبر والشيخوخة؟ وإذا كان تقديم بعض العلاجات مكلفا ماديا كان يمكن تقاسم الكلفة مع المواطن والتخفيف عن كاهل الطبقة المتوسطة وما دونها.
نؤكد أهمية تخصيص ممرض أو ممرضة لكل مدرسة في ظل كثافة الطلبة، وتكثيف زيارة الفرق الصحية للمدارس لتثقيفهم بشأن كثير من الحالات التي تخص الأسنان والنظر والسمع والعاهات البدنية التي لو اكتشفت في الصغر من الممكن تلافيها، والحث على ممارسة الرياضة بطرق سليمة وتثقيف النشء وقائيا، إن هي إلا أفكار قد تكون مثالية ولكنها تبقى طموحا يتطلع إليه المواطنون ويتمنون على وزارة الصحة مزيدا من التقدم والتكامل، وكان الله بعون المسؤول ما دام المسؤول بعون أخيه المواطن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية