العدد 2169
الإثنين 22 سبتمبر 2014
banner
داعش حجة على الغرب وليس على العرب د.عمران الكبيسي
د.عمران الكبيسي
الإثنين 22 سبتمبر 2014

يجب أن يفهم أبناؤنا وأحفادنا أن آباءهم وجدودهم العرب لم يكونوا متشددين ولا إرهابيين، على العكس كانوا فاتحين متسامحين نشروا التوحيد والعدل والرحمة، وتحيتهم السلام، يقول الله فيهم “وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً”، يجب أن يعرف العالم أن الفتوحات العربية شرقا وغربا لم يسقط فيها إلا ما نسبته 1 % مما سقط من ضحايا في الحروب الصليبية، أو الحربين العالميتين الأولى والثانية ولم يكن المسلمون سببا فيها، العرب ليسوا مجرمين، ولم يخلفوا وعدا ولا نقضوا عهدا كما فعلت أوروبا في سايكس بيكو، ولم يمتلكوا سجونا سرية يسمسرون بها ويساومون كالتي يمتلكها الغرب، ولا أقاموا سجن كوانتنامو السيئ السمعة، ولو كان سجنا طبيعيا لما وعد أوباما بوأده في حملته الانتخابية ولم يف بوعده، العرب يأكلون التمر ويشربون اللبن ويركبون البغال والحمير ولنا الفخر، لم يصنعوا الطائرات ليقصفوا ويدمروا، ولا صنعوا أسلحة الدمار الشامل التي أول من استخدمها الغرب وأحرق الأخضر واليابس.
الإرهابيون الذين يحتج بهم الغرب على العرب يقاتلون بأسلحة الغرب المدمرة، فليسألوا أنفسهم من سلح داعش؟ وكيف وصل السلاح إلى أيديها؟ داعش وسلاحها حجة على الغرب وليس على العرب. وحين ترفع أميركا وأوروبا شعار تجفيف منابع الإرهاب يدينون أنفسهم وما يشعرون، داعش قد تحصل على بعض المال من بعض العرب الأغنياء المتعاطفين، لكن المأساة ليس بالمال بل بالسلاح الغربي الذي تشتريه، فداعش لا تقاتل بالمال إنما بالسلاح فالأولى بمن يريد تجفيف منابع الإرهاب أن يجفف مصادر السلاح المستخدم في القتل قبل المال، أما مسلحو داعش فغالبيتهم من مراتب الجيش العراقي السابق، الذي تتحمل أميركا وزر حل وحداته وتشريد مراتبه، ثم دفع نفر منهم تحت ضغط الحاجة إلى داعش، ولو أبقوا الجيش العراقي لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، هذه هي الحقيقة المرة التي يرفض الغرب الاعتراف بها. الغرب الذي شكل ائتلافا لاحتلال العراق هو من حل الجيش القوي المدرب الذي وقف بحزم بوجه الإرهاب، وتركوا سلاحه لكل طارق ينهل بقدر ما يستطيع، وفتحوا الحدود أمام الإرهابيين ليسرحوا ويمرحوا وكان العراق حصانا محصنا، واليوم يبحثون عن تشكيل جيوش مهنية قوية تقاوم الإرهاب؟ أليس ما يدعوننا إليه من سخرية القدر؟
لقد وعدنا الغرب بالديمقراطية والحرية والرفاهية والسلام بعد رحيل صدام حسين فهل حقق لنا شيئا مما وعدنا به؟ رحلوا وهم يجرون أذيال الخيبة، وتركوا خلفهم القاعدة والمليشيات تعيث في الأرض الفساد، فمن صنع الإرهاب الطائفي والعنصري وإرهاب السلطة ومافيا الفساد في العراق غيرهم؟ ومن سرق الآثار والمقتنيات الثمينة؟ ومن صم أذنيه ولم يسمع نداء المظلومين السوريين يستغيثون بدول مجلس الأمن ليخلصوهم من طغيان الأسد، ولو أسهم الغربيون بالخلاص من الأسد لانتهى حكمه، ولما سمعنا بداعش، ولا غزانا الإرهاب، ولو أعطوا السلاح للجيش السوري الحر لكفوا الناس شر الأسد وداعش معا، ولكنهم يقولون ما لا يفعلون.
الضربات من الجو لن تقضي على داعش، ولا القوات الأجنبية على الأرض، من يستطيع إخراج داعش هم العرب أبناء المحافظات المنتفضة، ومن يريد ضمان اشتراكهم في محاربة داعش أن يوقف تدفق عساكر الجيش الإيراني والمليشيات التي دربت في إيران وجهزت بالسلاح وأرسلت إلى العراق تختطف وتغتال وتفجر المساجد، وإلا كيف يقاتل أبناء المحافظات المنتفضة داعش ومدنهم تقصف في الأنبار وصلاح الدين وهم مهجرون، وإخوانهم في البصرة وبابل والديوانية والناصرية وديالى يقتلون ويهجرون وتفجر بيوتهم ومساجدهم على أيدي المليشيات الإرهابية بدفع من سياسيي المنطقة الخضراء وإيران؟ المليشيات التي تقتل على الهوية والاسم أشد من داعش إرهابا وتطرفا وعنفا، وينبغي للدولة التي تحارب الإرهاب محاربة كل فئاته وأقطابه وأشكاله، وكسب ثقة الشعب بالمساواة بينهم والحكم بالعدل، وصدق من قال لخليفة المسلمين عمر: “عدلت فنمت”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .