+A
A-

الإسكافي يدالله من أشهر معالم المنامة

تعتمد مهنة صيانة الأحذية أو “الإسكافي” أو “الخراز” إلى جانب الخبرة على عمل يدوي، مطرقة وسندان، ومسلة وخيوط ومسامير، وكماشة وأدوات بسيطة أخرى، بعكس ما تحتاج له من التفصيلات وماكينات هذه الأيام في المصانع الكبيرة.

وفي محله في أحد أزقة شارع الشيخ عبدالله أو عند البعض معروف بسوق المنامة، كان من اللافت قديما وجود إحدى علامات هذا السوق العريق وهو يدالله أمر الله علي جالسا في دكانه الصغير، يواصل العمل بمهنته في محل لا تتجاوز مساحته 3 أمتار، وارتفاعه متر و30 سم، إذ لا يتمكن من الوقوف فيه لانخفاض سقفه، ممسكا بمطرقته و مسامير صغيرة وبتسريحته المعروفة التي كانت تقدمه للناس إضافة إلى شكله الخارجي الخاص، فقد كان لا يفارق “الشنطة” الصغيرة على كتفه قبل أن يفتح هذا المحل الذي يعتبره أهل المنامة من علامات العاصمة، يشخص أمراض الحذاء، ويغزل في جلودها بهدوء مع مهنة انقرضت اليوم في المنطقة تقريبا.

كان يبدأ عمله قبل دوام الموظفين ويغلق المحل وقت الغروب، ومنذ الصباح يكاد محله الصغير جدا لا يخلو من الزبائن الذين يقصدونه بسبب إتقانه عمله، كثيرون لا يعرفون اسمه ولكنهم يعرفون مهارته وموقع محله الصغير، مارس هذه المهنة منذ صغره قبل أن يزاحمه فيها الهنود والباكستانيون الذين يشكلون اليوم النسبة الأكبر في هذه المهنة الاحترافية مع الأحذية، إذ يقوم يدالله بتصليح الأحذية ويجمّلها ويعدل عيوبها ويعيدها إلى هيئتها الأولى، ويلبي بوجهه البشوش طلبات الزبائن اليومية، فكل منهم له حاجة، فهذا لديه حذاء جلدي يحتاج إلى كعب جديد، وذاك حذاؤه مثقوب بحاجة إلى الحياكة، وتلك تحمل حقيبة ممزقة يلزمها ترميم وهو جالس في مكانه يصلح ما يمكن إصلاحه ويوفر لهم حاجاتهم على أكمل وجه، ونصائحه الصادقة تجعل الزبائن يعودون إليه فقراء وأغنياء، فهو متقن لعمله، يجدد الأحذية التي تصلح للتجديد، كما يعمل على قولبة الجديد منها.

لعل من أجمل ساعات العمل كانت تلك التي تمتد من الثالثة حتى السادسة مساء، إذ تزدحم السوق بالسيارات والمارة، وتختلط رائحة الطعام والعصير المنبعثة من محل قريب منه مع رائحة اللحم المشوي من مطعم مندلي ومع مطارق محل البراويز “فخراوي”، وفي هذه الأثناء يكون هو منهمكا في تصليح الأحذية على مع أحاديثه القديمة مع الزبائن الذين كانوا يتخذون محله ملتقى سريعا للكلام والمعلومات بصحبة الموسيقى.. ذكريات جميلة يعشقها جيل المنامة ولن ينساها أبدا.