+A
A-

الفخار إلى اندثار

مصادرة أراضي معامل الفخار... وعقود عمرها 15 عاما لم تر النور

مرافق المصانع أكشاك خشب وصفيح

برميل الكيروسين بـ 32 دينارا بدلا من 5

تهميش إعلامي وإعلاني للحرفة التراثية

 

في عالي (قرية الفخار) تصارع أقدم حرفة عرفها الإنسان من أجل البقاء، الحرفة التي تمرسها الآباء والأجداد منذ آلاف السنين باتت اليوم حملا ثقيل على كاهل أصحاب المعامل، فهم لا يأمنون على باب رزقهم في وقت تنذر معطياته باندثار مهنة الأجداد. ورغم انطفاء شعلة صناعة الفخار يقف عامل الفخار قرب فرن لم تخبُ شعلته بعرقه المتصبب على جبينه يداعب الطين الأحمر بيديه العاريتين وبلمسات حب مازجا مشاعره بدقة ورقة في تفاصيل العجين بأنامله، ساقيا إياها من مشاعره ليشكل بها قارورة فخارية قد تتزين بألوان الطيف أو تبقى بلون الطين الذي ألقت عليه الشمس شيئا من نورها ليزيدها بريقا.

7 معامل

تخوف أصحاب مصانع الفخار لا تخفيه تطمينات هزيلة ووعود براقة لم تتحقق بعد مضي سنوات عليها وعبر –”البلاد” - نقلوا هواجسهم من اندثار مهنتهم التراثية، والتي لم يتبق منها إلا 7 معامل تحتضنها قرية الفخار، هذا التخوف بدأ من تهاون كل الجهات الرسمية من مد يد العون لهم للنهوض بهذه الحرفة الى مصاف القطاعات السياحية الأخرى.

 

الطين المحروق

شح الطين وتعرقل توفره في كثير من الأوقات يعطل عمل المصانع، وكيف بهم وهي الخامة الأساسية التي تقوم عليها هذه الصناعة، ففي الوقت التي تحافظ الدول على مؤهلاتها التراثية تفتقر صناعة الفخار إلى توفر اهم مقوماتها من المواد الأولية.

5 أضعاف

الكيروسين ومنذ عام ونصف العام تضاعف سعره بعد إلغاء الدعم عم المحروقات، فبعد أن كان سعر البرميل الواحد 5 دنانير تضاعف سعره ليصل 32 دينارا، أكثر من خمسة أضعاف سعره الأصلي ولا بديل عنه. فحرق (الطين المحروق) جيوب وميزانيات المصانع دون رحمة.

ورغم التطمينات بتخصيص ميزانية لدعم الصناعة التراثية في شراء الكيروسين، إلا أنه بعد مضي هذه الفترة تقف هيئة البحرين للسياحة والمعارض متفرجا وشاهدا على تدهور صناعة الفخار دون أن تحرك ساكنا.

غياب الترويج

محاولات أصحاب المصانع لجذب السياح لا تكفي لتوجيه الأنظار نحو معارضهم التي تخلو في أيام كثيرة من الزوار والسياح. أما الجهات الرسمية، فلم توجه دفة السياحة نحو شاطئ الفخار الذي يعاني العزلة وسط قريته بعيدا كل البعد عن أعين مريديه.

توجه السياحة لمصانع الفخار ومعارضه تنشيط للسياحة في البحرين وانعاش للمواقع السياحية هكذا يرى أصحاب المعامل الفكرة من دعم منتوجاتهم وصناعاتهم

 

وحدات الحرفيين

كيف لصناعة أن تقاوم وتصمد دون أن يطمئن القائمون عليها على الخامات الأساسية فيها ودون أن يكون لهم الحق في تجهيز معارضهم بما يكفل لها وجها تراثيا وحضاريا يخبر بما كان في الماضي بوجه يليق بالسياحة والسياح. فالوعود بإعادة بناء مصانع الفخار على الطريقة المعمارية والتراثية حلم لم يتحقق وتبخرت ميزانيته المتخصصة له قبل أن تهدم طوبة من هذه المصانع القديمة.

أما ما يطمح له أصحاب الحرفة هي وحدات إنتاجية مجهزة بمرافقها تليق بالعاملين فيها والزائرين والسياح بدلا من الأكشاك التي يعتمدها أصحاب المعامل لتكون دورات مياه للزوار لا تمثل وجه السياحة التي  تعد به الجهات الرسمية.

مصادرة الأراضي

مصادرة الأراضي التي تقوم عليها مصانع الفخار من جانب هيئة الآثار والسياحة سابقا يهدف لأن تحافظ هذه الصناعة على مكانتها التاريخية.

وبذلك حرم أصحابها التي ورثوها أبا عن جد من حقوقهم في أن تكون غير مسجلة بأسمائهم ولا يسمح لهم بالتعديل والبناء فيها وتطويرها لإنعاش حرفتهم التراثية شيء آخر.

ويعبر أصحاب المصانع عن الوعود بإصدار عقود تحفظ حقهم في المعامل، والتي مضى عليها 15 عاما بالسراب الذي لن ينال.

وبذلك تبقى مصانع ومعارض الفخار تكبلها أكشاك الصفيح والخشب التي تهترئ مع الزمن ولا يجد العاملون فيها بدا من تجديدها كل فترة علها تستر الإهمال والتهميش الذي تعانيه هذه الحرفة التراثية.