العدد 6097
الثلاثاء 24 يونيو 2025
banner
الاستراتيجيات البديلة لدول المنطقة لمضيق هرمز
الثلاثاء 24 يونيو 2025

 يعد مضيق هرمز ممرًا حيويًّا لشحنات النفط والغاز الطبيعي المسال العالمية، إذ تمر عبره يوميًّا حوالي 20 % من السوائل البترولية في العالم. ومع ذلك، في أوقات التوتر الجيوسياسي، مثل الصراع الحالي بين إيران وإسرائيل، يبدأ العالم في التطلع إلى البدائل. وفي حين توفر هذه البدائل بعض الراحة، إلا أنها لا تستطيع أن تحل محل حجم وكفاءة مضيق هرمز بشكل كامل. ومع ذلك، فإنها تشكل صمامات ضغط حاسمة عندما تتصاعد التوترات الجيوسياسية.
فيما يلي البدائل الرئيسة لمضيق هرمز:
أولا: ينقل خط أنابيب شرق - غرب (البترول) في المملكة العربية السعودية النفط الخام من الخليج العربي إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، متجاوزًا مضيق هرمز بالكامل. تبلغ طاقته حوالي 5 ملايين برميل يوميًّا، على الرغم من أنه لا يتم استخدامه دائمًا بأقصى طاقته.
ثانيًا: خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام (ADCOP) – يمتد خط الأنابيب الإماراتي هذا من حبشان إلى ميناء الفجيرة على خليج عمان، ويتجاوز أيضًا مضيق هرمز، ويمكنه حمل حوالي 1.5 مليون برميل يوميًّا.
ثالثًا: خط الأنابيب بين العراق وتركيا، وعلى الرغم من عدم اتصاله مباشرة بالخليج العربي، فإن هذا الطريق يمكّن العراق من تصدير النفط عبر البحر الأبيض المتوسط عبر تركيا. ومع ذلك، فهو عرضة لعدم الاستقرار الإقليمي والتخريب.
رابعًا: تنويع الغاز الطبيعي المسال في قطر: تستكشف قطر، وهي مصدر رئيس للغاز الطبيعي المسال، خيارات لتنويع طرق الشحن، على الرغم من أن معظم صادراتها لا تزال تعتمد على هرمز.
خامسًا: تهدف مبادرات الممرات البرية والسكك الحديدية، مثل “الممر الأوسط”، إلى ربط آسيا الوسطى بأوروبا عبر بحر قزوين وتركيا، وبالتالي تجاوز نقاط التفتيش البحرية تمامًا. وهي أكثر أهمية للتجارة العامة من النفط، لكنها تكتسب زخمًا وسط تصاعد التوترات.
إن استخدام بدائل مضيق هرمز لا يعيد تشكيل طرق التجارة فحسب، بل يعيد تشكيل توازن القوى في المنطقة وخارجها. وإليك كيفية تحول رقعة الشطرنج الجيوسياسية:

1-    زيادة نفوذ دول الخليج
وتكتسب دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تدير خطوط أنابيب مثل بترولاين وADCOP، نفوذًا استراتيجيًّا. ومن خلال توفير طرق التفافية، تصبح هذه الطرق أكثر لا غنى عنها لأمن الطاقة العالمي، وبالتالي تكتسب المزيد من النفوذ في قرارات أوبك+ والدبلوماسية الدولية.

2-    الحد من النفوذ الإيراني
وتنبع الميزة الجيوسياسية التي تتمتع بها إيران في الأساس من قدرتها على التهديد بإغلاق المضيق. ومع مرور المزيد من النفط والغاز الطبيعي المسال عبر مضيق هرمز، تضعف قوة الردع لدى طهران، ما قد يشجع المنافسين ويقلل من قدرة إيران على المساومة في الصراعات الإقليمية.

3-    البنية التحتية المتوترة والمخاطر الأمنية
والطرق البديلة - خاصة خطوط الأنابيب البرية - معرضة للتخريب والهجمات السيبرانية وعدم الاستقرار الإقليمي، خصوصًا في العراق وتركيا. وهذا يخلق نقاط اشتعال أمنية جديدة وقد يجذب قوى خارجية مثل الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي للحماية.

4-    إعادة التنظيم الاستراتيجي بين الصين والهند
ويعد كلا البلدين مستوردين رئيسيين للطاقة عبر مضيق هرمز. وقد تدفعهما الاضطرابات أو إعادة التوجيه إلى الاستثمار بشكل أكبر في تنويع مصادر الطاقة، والاحتياطيات الاستراتيجية، ومشاريع البنية التحتية مثل مبادرة الحزام والطريق في الصين أو ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب في الهند.

5-    تقلبات سوق الطاقة العالمية
وحتى مع وجود البدائل، فإنها لا تستطيع مجاراة قدرة هرمز. ولا يزال أي اضطراب يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وزيادة التأمين، وتأخير الشحن، وهو ما يؤثر على الأسواق العالمية. ويمكن أن يؤثر هذا التقلب على الانتخابات، والتضخم، وحتى المواقف العسكرية.
باختصار، حين توفر هذه الطرق المرونة، فإنها تعيد أيضًا رسم التحالفات، وتكشف عن نقاط ضعف جديدة، وتغير مركز الثقل الجيوسياسي.

وكيف يؤثر ذلك على استراتيجيات الناتو؟
لا شك أن الحسابات الاستراتيجية لحلف شمال الأطلسي تتأثر بالديناميكيات المتغيرة المحيطة بمضيق هرمز وبدائله:

1-    التزامات أمنية بحرية أوسع
ومع تنوع تدفقات الطاقة عبر خطوط الأنابيب والموانئ خارج مضيق هرمز، قد يحتاج حلف شمال الأطلسي إلى توسيع جهود المراقبة والحماية البحرية إلى ما هو أبعد من نقاط التفتيش التقليدية. ويشمل ذلك البحر الأحمر، وخليج عمان، وحتى أجزاء من شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تتلاقى الطرق البديلة.

2-    المشاركة بشكل أعمق مع الحلفاء الخليجيين
أصبحت دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي تدير خطوط الأنابيب الالتفافية الرئيسة، أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية. وقد يعزز حلف شمال الأطلسي الشراكات والتدريبات المشتركة مع هذه الدول لضمان أمن البنية التحتية الحيوية وممرات الشحن.

3-    مواجهة التهديدات الهجينة
خطوط الأنابيب والطرق البرية أكثر عرضة للهجمات السيبرانية والتخريب وأنشطة المتمردين. إن تركيز الناتو على الحرب الهجينة يعني أنه يستطيع توسيع دوره في مساعدة الدول الأعضاء والشركاء على تأمين هذه الأصول - خصوصًا في المناطق المضطربة مثل العراق.

4-    أمن الطاقة باعتباره أمنًا جماعيًّا
وقد اعترف حلف شمال الأطلسي على نحو متزايد بأمن الطاقة كجزء من تفويضه. إن انقطاع تدفقات النفط والغاز – حتى خارج حدود التحالف – يمكن أن ينتشر عبر الاقتصادات الأعضاء. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تخطيط أكثر تنسيقًا لمرونة الطاقة، بما في ذلك النشر الاستراتيجي للاحتياطيات وحماية البنية التحتية.

5-    المنافسة الاستراتيجية مع الصين وروسيا
وبينما تستثمر الصين في ممرات بديلة (مثل مبادرة الحزام والطريق) وتسعى روسيا إلى النفوذ في الشرق الأوسط، فقد ينظر حلف شمال الأطلسي إلى السيطرة على طرق الطاقة وأمنها كجزء من مسابقة جيوسياسية أوسع. وقد يؤدي هذا إلى تشكيل عمليات الانتشار والشراكات وحتى موقف الناتو في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
باختصار، لا يقلل الابتعاد عن هرمز من مخاوف حلف شمال الأطلسي، بل يوسع خريطة أين تكمن تلك المخاوف.

كاتب أميركي

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .