النساء يشكلن 60% من إجمالي مرتاديها
معارض محرم تجسّيد للتكاتف المجتمعي والحراك الاقتصادي الموسمي
مع اقتراب حلول شهر محرم، تبدأ المعارض الموسمية الخاصة بتجهيزات هذا الشهر في الانتشار في مختلف المناطق، لتتحول إلى وجهة رئيسية للمتسوقين الذين يستعدون لإحياء هذه المناسبة الدينية، فتشهد هذه المعارض إقبالًا واسعًا من مختلف الفئات، لما توفره من مستلزمات مرتبطة بإحياء هذه المناسبة، من الملابس، والتوزيعات إلى الزينة، وأدوات الضيافة، التي تتوفر جميعها تحت سقف واحد وبأسعار في متناول الجميع.
تتسم الأسعار في هذه المعارض بالمرونة والتنوع، حيث يتم تقديم عروض مغرية تناسب مختلف الميزانيات، فعلى سبيل المثال، يمكن شراء ثلاث بدلات نسائية سوداء بـ 10 دنانير، بينما تتراوح أسعار فانيلات الأطفال ما بين 800 فلس إلى دينار واحد، فضلًا عن العرض الذي وُصف بالتفجيري كسعر 5 فانيلات بـ 5 دنانير فقط. أما التوزيعات فأسعارها تبدأ من 1.200 دينار، ولا تتجاوز الـ 5 دنانير وتختلف حسب الحجم، والمحتوى، والتغليف، مع توفر خصومات على الكميات الكبيرة.
وتشير التقديرات الميدانية إلى أن الإقبال على هذه المعارض يبلغ ذروته خلال الأيام التي تسبق دخول شهر محرم، حيث يُقدَّر أن ما بين 70% إلى 80% من الأسر في المجتمعات التي تولي اهتمام خاص بهذه المناسبة، تقوم بالتسوق من هذه المعارض، وتُشكّل النساء نحو 60% من إجمالي المرتادين، بحكم دورهن الأساسي في الإعداد والتجهيز، وتنسيق الاحتياجات المنزلية لموسم عاشوراء.
وفيما يخص حجم الزيارة، تشير الملاحظات إلى أن نحو 40% من الزبائن يزورون المعرض أكثر من مرة خلال فترة تشغيله، لا سيما في ظل توفر العروض المتجددة، وتنوع السلع، وتمتد مدة إقامة هذه المعارض غالبا من عشرة إلى خمسة عشر يوما فقط.
هذه المعارض لا تمثل فقط فرصة للتسوق، بل تحولت إلى مصدر رزق موسمي مهم لعدد كبير من أصحاب المحلات الصغيرة والبسطات، فضلًا عن الأسر المنتجة التي تجد فيها منصة حيوية لتسويق منتجاتها اليدوية والموسمية، إذ تزداد حركة البيع والشراء بشكل كبير في الأيام التي تسبق دخول الشهر، مما يخلق نشاط اقتصادي لافت يمتد طيلة الأسبوعين الأولين على الأقل، من جانبها تحرص الأسر المنتجة على عرض التوزيعات الجاهزة مثل البخور، والشموع، والحلويات المغلفة بشعارات حسينية، بالإضافة إلى مستلزمات الزينة مثل الأقمشة السوداء، والرايات، وأدوات الضيافة التقليدية.
ما يميز هذه المعارض هو تنوع السلع وتوفرها بشكل متكامل، إذ يجد الزبون كل ما يحتاج إليه لإعداد مجلس عزاء أو المشاركة في الفعاليات الدينية، دون الحاجة إلى التنقل بين أكثر من مكان، ويضم هذا النوع من المعارض عادة أقسام متنوعة تشمل الملابس النسائية، والرجالية السوداء، فانيلات الأطفال، الشالات، والمباخر، والأكواب، والصحون، والستائر السوداء، وإضاءات خاصة تلائم أجواء محرم الحرام.
ويكون الإقبال الشعبي على هذه المعارض في ذروته خلال فترات المساء، وعطلات نهاية الأسبوع، حيث تزدحم الممرات بالعائلات التي تحرص على تجهيز منازلها أو الحسينيات التابعة لها قبل بداية الموسم، كما تلعب الحملات الترويجية والإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي دورا بارزا في جذب المتسوقين، إلى جانب طبيعة المناسبة التي تدفع الكثيرين لتقديم أفضل ما لديهم في سبيل إحياء الشعائر، والمجالس.
ختاما، تعكس هذه المعارض على تفاعل المجتمع مع المناسبات الدينية بروح من التكاتف، والدعم الاقتصادي المتبادل، إذ تُسهم في تحريك عجلة السوق، وتوفير مصدر دخل موسمي للعديد من العائلات، وفي الوقت ذاته، تقدم خدمة مجتمعية متكاملة تُلبي احتياجات المواطنين خلال موسم عاشوراء.