+A
A-

مخاوف من الهجمات الإسرائيلية على منشآت الطاقة الإيرانية

تزايدت المخاوف العالمية إزاء أسواق الطاقة بعد أن أدّت ضربات إسرائيلية مكثفة على منشآت الطاقة الإيرانية إلى توقف جزئي في الإنتاج بحقل “بارس الجنوبي”، أكبر حقل غاز في العالم، وذلك يوم السبت الماضي نتيجة اندلاع حريق عقب قصف إسرائيلي.

ويقع حقل بارس الجنوبي قبالة سواحل محافظة بوشهر جنوب إيران، ويُعد المصدر الأساس لمعظم إنتاج الغاز الإيراني. وصرّح الشريك الإداري في شركة “ألاغان بارتنرز” للاستشارات الجيوسياسية في دبي نيكولاس ميشيلون، قائلًا “رغم استهداف حقل بارس الجنوبي والمصافي، فإن الإنتاج لا يزال جاريًا والأضرار حتى الآن غير مدمرة، لكن التصعيد المحتمل مستقبلًا قد يشل قدرة إيران على استغلال هذا الحقل الاستراتيجي”.

وأضافت إيران أن مستودع “شهران” للنفط في طهران تعرض لهجوم إسرائيلي أيضًا، لكنها أوضحت أن الوضع ما يزال تحت السيطرة. وعلق ميشيلون “مستودع الوقود والبنزين في شهران، أحد أكبر خزانات الطاقة في العاصمة، يحتوي على ما يكفي لتلبية احتياجات طهران لثلاثة أيام. لقد تعرض الموقع لهجوم جوي إسرائيلي، وقد يكون أيضًا هدفًا لأعمال تخريب من قبل عناصر الموساد على الأرض”.

وأشار التقرير كذلك إلى أن مصفاة “شهر ري” النفطية في طهران، وهي من بين أضخم المصافي في إيران وذات أهمية حيوية لتأمين الوقود المحلي، قد طالتها الهجمات الإسرائيلية أيضًا؛ ما يضيف مزيدا من التوتر إلى المشهد الطاقي الإقليمي ويعزّز القلق بشأن استقرار الإمدادات.

ارتفاع أسعار النفط
أدى تصاعد القلق بشأن احتمال تعطل صادرات النفط في المنطقة إلى ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 7 % يوم الجمعة، على الرغم من أن إسرائيل لم تستهدف منشآت النفط والغاز الإيرانية في اليوم الأول. واستمرت الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران لليوم الثالث على التوالي؛ ما عزّز المخاوف من توسع رقعة النزاع في واحدة من أهم مناطق إنتاج النفط في العالم.

وقالت فاندانا هاري، الرئيسة التنفيذية لشركة “فاندا إنسايتس” ومقرها سنغافورة “بحسب المعلومات المتاحة حتى الآن، فإن الأهداف الرئيسة لإسرائيل كانت المنشآت النووية والصاروخية والعسكرية الإيرانية”. وأضافت “ومع ذلك، من المحتمل أن تصيب الضربات حقول النفط والغاز أو منشآت التخزين أو موانئ التصدير سواء بشكل متعمد أو غير مقصود. إضعاف مصدر رئيس لإيرادات إيران قد يعقّد من قدرتها على إعادة بناء قدراتها النووية والصاروخية”.

لكن استهداف البنية التحتية للطاقة الإيرانية قد يشكل “خطا أحمر” بالنسبة للولايات المتحدة. وأوضحت هاري أن السعودية والإمارات وقطر سبق أن مارست ضغوطا على واشنطن في أكتوبر الماضي لدفع إسرائيل إلى تجنب ضرب منشآت الطاقة؛ خشية أن تتعرض مواقعها لهجمات انتقامية من إيران.

وأشارت إلى أن “الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يتخذ موقفًا أكثر تشددًا إذا شعر بأن الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران بدأت تطول البنية التحتية النفطية، سواء في إيران أو في دول المنطقة. وقد يكون ذلك نقطة تحول قد تدفع نحو تصعيد إقليمي أوسع، وهو ما يرفضه ترامب بشدة لأنه لا يرغب في ارتفاع أسعار النفط”.

أهداف محتملة
وذكر ميشيلون أن الأهداف المحتملة في المستقبل قد تشمل محطة “خارج” النفطية، إذ يُغادر نحو 90 % من صادرات النفط الإيرانية البلاد، ومعظمها إلى الصين، ومصفاة “عبادان”، التي تنتج الوقود لنحو 25 % من الاحتياجات المحلية لإيران، ومحطة “ماهشهر” النفطية، وهي من مراكز التوزيع الرئيسة في البلاد.

وحذّر من أنه إذا ضربت إسرائيل هذه المواقع، فإن ذلك “سيعطل بشكل خطير” الإمداد المحلي والصادرات العالمية على حد سواء، وسيقطع صادرات الطاقة الإيرانية عن الأسواق الحيوية مثل الصين.

وأضاف ميشيلون أن مزيدا من الهجمات على البنية التحتية للطاقة الإيرانية يمكن أن يكون له تأثير مباشر على سلاسل إمداد الطاقة. وقال “يجب أن نأخذ في الاعتبار أيضًا مضيق هرمز، وهو نقطة اختناق حاسمة لتجارة النفط والغاز العالمية. قد يتعرض للتهديد إذا قررت إيران الانتقام بمحاولة عرقلة حركة المرور”.

تداعيات متتالية
في حال استمرار وتفاقم الهجمات على البنية التحتية للطاقة الإيرانية، فقد يكون لذلك تأثير متتالٍ على الدول التي تعتمد على النفط الإيراني، خصوصا الصين، إذ ينتهي المطاف بنحو 90 % من النفط الإيراني في الصين.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في “زايا كابيتال ماركتس” نعيم أسلم، إن السيناريو يشير إلى أن إيران ستستهدف البنية التحتية للطاقة الإسرائيلية لاحقًا، مضيفًا أن أسعار النفط قد تتجاوز 120 دولارًا إذا تعرضت البنية التحتية للطاقة للضرب. واتفق كبير الباحثين المقيمين في “معهد دول الخليج العربي” روبرت موجيلنيكي، مع أن أي إجراءات تصعيدية تؤثر على البنية التحتية النفطية الإقليمية وطرق تجارة الطاقة الحيوية يمكن أن تضغط على أسعار النفط، بحسب “thenationalnews”.