العدد 6090
الثلاثاء 17 يونيو 2025
banner
هل تتجاوز الحرب بين إسرائيل وإيران الخطوط الحمراء؟
الثلاثاء 17 يونيو 2025

 المواجهة العسكرية التي حدثت بين إسرائيل وإيران منذ ليلة الجمعة ولا تزال مستمرة، أدخلتهما مرحلة نوعية جديدة من المواجهات العسكرية الخطيرة التي تهدد السلم والأمن العالميين، حيث حدثت تلك المواجهة العسكرية عندما وصلت المفاوضات بين أميركا وإيران إلى طريق مسدود يمنع الوصول إلى اتفاق سلمي بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي تقوم فيه إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 %، وهي نسبة قريبة من مستوى صنع الأسلحة النووية، كما تسارع في تطوير هذا البرنامج النووي من خلال تركيب أجهزته الخطيرة، من جانبها كانت إسرائيل تراقب تطور تلك المفاوضات ونتائجها، وذلك لرفضها من الأساس البرنامج النووي الإيراني لما يشكله في نظرها من تهديد وجودي لبقائها.
 بسبب كل ذلك قامت إسرائيل بمفاجأة إيران وتوجيه ضربات عسكرية استباقية لإيران، حيث قامت بقصف عدد من المنشأة النووية الإيرانية والصواريخ الباليستية واغتيال قادة عسكريين مثل رئيس الحرس الثوري الإيراني ونائب وزير الدفاع وعلماء نوويين، وقد أُطلقت إسرائيل على هذه العملية (الأسد الصاعد)، وأظهرت تلك المواجهة العسكرية أن النار لا تزال تحت الرمال في المنطقة، وأن ما توعّد به رئيس وزراء إسرائيل قام بتنفيذه ضد إيران، ولعل أهم الأسباب التي أشعلت هذه الحرب هو تصلب الموقف الإيراني في المفاوضات الخاصة ببرنامجها النووي، وما أكد خطورة البرنامج النووي الإيراني كذلك تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أظهر أن لدى إيران محطات سرية لتخصيب اليورانيوم.
وأنها وصلت إلى مرحلة متقدمة من التخصيب يمكنها من صنع أكثر من قنبلة نووية في برنامجها النووي، ومعروف أن روسيا عرضت على إيران منذ عام 2005 تخصيب اليورانيوم الإيراني في الأراضي الروسية بضمان تزويد المفاعلات الإيرانية قدر حاجتها بالوقود النووي، لكن طهران رفضت ذلك تهربا منها، وهذا ما يفسر لنا برودة الموقف الروسي من الهجوم الأخير الذي قامت به إسرائيل ضد إيران وعدم تعاطفها مع إيران.
ويرى الكثير من المراقبين الدوليين أن إيران كان عليها أن تستغل الفرصة التي أعطيت لها من قبل الرئيس الأميركي في المفاوضات، خصوصًا بعد أن فقدت إسناد أهم أذرعها الموالية لها، حزب الله اللبناني ونظام الأسد في سوريا والحوثيون في اليمن، بعد ما حدث لهم بعد السابع من أكتوبر عام 2023، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي تطبقها أميركا ودول الناتو عليها، ما أوصل الدولة في إيران إلى ظروف اقتصادية وسياسية سيئة جعلتها غير قادرة على المواجهة مع إسرائيل التي تمتلك ترسانة أسلحة متطورة، وذلك ما شهد به بعض المحللين السياسيين الإيرانيين أنفسهم من خطأ الموقف الإيراني في عدم قبول بلادهم البدائل السلمية التي قدمها لهم الفريق التفاوضي الأميركي.
الخلاصة أن دول العالم أصبحت الآن تشعر بالقلق من أن تؤدي هذه المواجهة بين إسرائيل وإيران في النهاية إلى حرب إقليمية، حيث أصبحت كل السيناريوهات مفتوحة فيما لو لم تقبل إيران الشروط الأميركية، وذلك ما قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية