العدد 6086
الجمعة 13 يونيو 2025
banner
تكافؤ الفرص ليس مجرّد شعار
الجمعة 13 يونيو 2025

حظي مبدأ تكافؤ الفرص بحصانة تشريعية وتنظيمية دولية ووطنية، من أجل ضمان تحقيق العدالة عند تكوين فرق العمل وتمكينها لتأهيل صف ثانٍ وثالث من قيادات الوطن من دون تحيّزات، ويتحقّق هذا المبدأ فعليّا عندما يستوعبه وينفّذه أصغر مسؤول في المنظومة ليسع أكبر شريحة من الموظفين. ولا شكّ أن الإخلال بهذا المبدأ له تداعيات سلبية على الموظف والصالح العام. تعرّف منظمة الإسكوا (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية) ومنظمة العمل الدولية تكافؤ الفرص في عالم العمل بأنّه “المساواة في النفاذ لجميع الفرص من توظيف وتدريب وتأهيل وترقية” للحصول على كفاءات وتحقيق المساواة والأمن الوظيفي والضمان الاجتماعي. كما أشار الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة (السلام والعدل والمؤسسات القوية) إلى “التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها أحد، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة”.

وضمن دستور مملكة البحرين وميثاقها مبدأ تكافؤ الفرص في النصوص صراحةً وروحًا، ولضمان تحقيقه، وفي ضوء التوجيه السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم أصدر ديوان الخدمة المدنية القرار رقم (4) لعام 2014م القاضي بتشكيل لجنة تكافؤ الفرص في مختلف الجهات الرسمية. ولم يقتصر عمل اللجنة على إدماج احتياجات المرأة فحسب، والذي بات نموذجا مشرقًا في المملكة، إنما شمل جميع الموظفين في مختلف مراكز العمل.

لكن، دونَ تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص تحدّياتٌ عديدة أكبرها ضمان تحقيق العدالة؛ فرغم وجود التشريعات والتنظيمات لا يزال هناك من لا يحتكم للحق ولا الضمير، إنما توجّهه تحيّزات شخصية فيستغلّ بعض المسؤولين صلاحيّاتهم فيوزعون فرص النفاذ والتمكين والتدريب توزيعا غير عادل. ولا شك أنّ هذا يخلق بيئة عمل غير عادلة يتدنّى فيها الأمن الوظيفي بكل أبعاده، ما يؤثر سلبًا على تكوين الكفاءات الوطنية وجودة العمل.

وتتكرّر مشاهد مؤلمة في كثير من أوساط العمل.. فهذا موظف يُرَشَّحُ لعشرات الورش وغيره لا يمنح فرصة، وذاك موظف يُشارِك في خمس لجان فاعلة أو أكثر دون غيره. ناهيك عن غيرها من مظاهر عدم العدالة في المعاملة فتصبح سلاحا خفيّا ناعما يؤثّر في الصحّة النفسيّة للموظّف، ويقتل فيه الرغبة في التطوير والإبداع.

ربّما لكل مبدأ سامٍ ثغرة يتسلّل منها من يريد العبث بالقانون، فلا ترقى أعمالهم تلك إلى مجرد مخالفات إدارية ويفلتون من المساءلة. لكنني هنا أخاطب الضمائر الحية فأقول: ليس مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة خيارا ولا مجرّد شعار مُرتهن لأهواء بعض الأشخاص، إنما هو قانون مدنيّ وأخلاق ربانية قبل كلّ شيء، وعندما تكون مسؤولا في أيّ منصب، فاجعل الوطن نصب عينيك واصنع من أبنائه جنودا بتمكينهم جميعًا من دون تهميش أو إقصاء لأنّ الوطن أمانة بين يديك.

*كاتبة بحرينية وباحثة قانونية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .