خبراء ومحللون لـ"البلاد": قمة بغداد فرصة لتعزيز التضامن العربي ودعم استقرار المنطقة
بغداد على موعد مع القمة العربية وسط تحديات إقليمية معقدة
تتجه الأنظار إلى العاصمة العراقية بغداد التي تستعد لاستضافة القمة العربية الرابعة والثلاثين، وسط ظروف إقليمية بالغة التعقيد، حيث يُنظر إلى هذه القمة على أنها فرصة مهمة لتعزيز التنسيق العربي ومواجهة الأزمات المتعددة التي تعصف بالمنطقة. تعمل الأمانة العامة للجامعة العربية، بالتعاون مع الحكومة العراقية، على استكمال التحضيرات اللازمة لضمان نجاح هذا الحدث، وسط حرص عراقي واضح على إبراز دور بغداد كعنصر فاعل في محيطها العربي.
ستتصدر القضية الفلسطينية جدول أعمال القمة بوصفها القضية العربية المركزية، إلى جانب مناقشة ملفات ساخنة في سوريا ولبنان والسودان وليبيا واليمن. وتأتي هذه القمة بعد سلسلة اجتماعات عربية سابقة، من بينها القمة العربية - الإسلامية الطارئة في الرياض، قمة المتابعة في الرياض، قمة المنامة في البحرين، والقمة الطارئة بشأن فلسطين في القاهرة.
ووفقًا لتصريحات الأمين العام المساعد للجامعة العربية، حسام زكي، فإن القمة ستبحث أيضًا قضايا التنمية والتضامن العربي والتحديات الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن التباين في المواقف العربية والضغوط الخارجية يفرض على المجتمعين مسؤولية كبيرة للخروج برؤية استراتيجية واضحة تضمن وحدة الصف العربي وتقدم حلولًا عملية للأزمات.
الفضلي: نحتاج موقفًا عربيًا موحدًا
وفي حديثه لـ"البلاد"، أكد المستشار الدكتور راشد الفضلي أهمية الملفات المطروحة أمام القمة، مشددًا على ضرورة توحيد المواقف العربية لدعم الشعب الفلسطيني والسعي لوقف التصعيد في غزة وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية. كما دعا إلى دعم الجهود الرامية لتعزيز الاستقرار في سوريا، بما يمكّن الحكومة من استعادة الأمن وتحقيق المصالحة.
وأشار الفضلي إلى أهمية احترام حقوق الفلسطينيين والحفاظ على المقدسات في القدس والخليل، لافتًا إلى ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك بما يخدم القضية الفلسطينية. كما شدد على أهمية استثمار الإمكانات العسكرية العربية في حماية الأمن القومي، ودعا إلى التركيز على مشروعات التنمية وتقليص معدلات البطالة، بما يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتحقيق تطلعات الشعوب العربية نحو مستقبل أفضل.
العزاوي: نجاح البحرين يمهد لنجاح بغداد في قيادة العمل العربي المشترك
من جهته، قال مدير مركز الأمصار للدراسات السياسية والاقتصادية، الدكتور رائد العزاوي، في تصريحه لـ"البلاد"، إن القمة العربية تُعقد في توقيت بالغ الحساسية، لافتًا إلى أن العراق يستلم رئاسة القمة بعد نجاح البحرين في دورتها السابقة. وأكد أن المنطقة تمر بأزمات غير مسبوقة، أبرزها التصعيد في غزة، عدم الاستقرار في البحر الأحمر، والمخاطر التي تواجه دول الخليج، ومنها تهديدات محتملة بضرب المفاعلات النووية الإيرانية. كما أشار إلى المفاوضات المتعثرة بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي وتأثيرها المباشر على استقرار المنطقة.
وأضاف العزاوي: هناك أيضًا تحديات متعلقة بالأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا، فضلًا عن الأزمة المستمرة في السودان. وأكد أن العراق سخّر جميع إمكاناته لضمان نجاح القمة، معربًا عن ثقته في حضور قادة عرب بارزين، بمن فيهم جلالة ملك البحرين، دعمًا للعراق في قيادة الدورة الحالية.
وأوضح العزاوي أن العراق يسعى لاستثمار هذه القمة لاستكمال مسيرته في العودة إلى الحاضنة العربية، وتعزيز مكانته كلاعب إقليمي مهم. وقال: «استطاع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال هذا العام تعزيز علاقة العراق بمحيطه العربي، والنأي به عن التوترات الإقليمية، ليكون داعمًا لأشقائه العرب في قضاياهم المصيرية».
وفي الختام، تترقب بغداد القمة وسط ترحيب شعبي ورسمي كبير، تأملًا في أن تكون محطة فارقة لتجديد العمل العربي المشترك وترسيخ الدور العربي في حل أزمات المنطقة، بما يضمن أمن واستقرار الشعوب العربية ويدفع باتجاه بناء مستقبل أكثر استقرارًا وتنمية.