العدد 5993
الأربعاء 12 مارس 2025
banner
رمضان في قطاع غزة
الأربعاء 12 مارس 2025

للسنة الثانية على التوالي يحلُ شهر رمضان على أهل غزة وسط ظروف قاسية، فأغلب أهل غزة يعيشون بدون مأوى بعدما هدم بيوتهم العدو ودكها، وبعضهم احتمى بما تبقى من ركام بيته، وآخرون يكتظون في خيام لا تقيهم من برد وتفتقر إلى أدنى مقومات الحياة. وقد نقلت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي أجواء موائد الإفطار الجماعية التي جمعت مئات الفلسطينيين بين ركام منازلهم في مدينة رفح جنوب القطاع وحي الشجاعية بمدينة غزة، وكذلك في شمال القطاع. واختارت بعض العائلات الفلسطينية من خان يونس الجلوس على أنقاض منازلها المدمرة لتناول وجبة الإفطار، ورغم الألم والمعاناة عاد المُسحراتي في غزة إلى عمله من أول ليالي الشهر الكريم، مستمرًا في أداء دوره في إحياء الأجواء الرمضانية بين الفلسطينيين الذين ذاقوا ويلات العدوان.
إن وجود العائلات الفلسطينية على حطام بيوتها يمثل رسالة صمود وجزءًا لا يتجزأ من المقاومة، رسالة تؤكد تمسكهم بأرضهم ورفضهم مخططات التهجير، وأنهم ورغم ما سقط من الشهداء والجرحى والمشردين فإنهم متمسكون بالحياة، حياة فلسطين والمقاومة، وقام أهل غزة بتعليق الفوانيس على ما تبقى من جدران بيوتهم المهدمة، ورسموا جداريات ملونة في محاولة منهم لإضفاء إشراقة أمل لفلسطين أفضل. يقفون متحدين الانتهاكات التي تعرقل إدخال المساعدات الإنسانية من خيم ومنازل متنقلة وأغذية وأدوية وحاجات أخرى. ورغم ذلك اكتست مباني وشوارع غزة والضفة والقدس زينة رمضان وعُلقت الفوانيس وبجوارها عَلم فلسطين يرفرف فوق تلك المباني المهدمة.
إن منع دخول قوافل المساعدات الإغاثية والغذائية للقطاع جريمة إسرائيلية تهدف إلى تجويع أهالي القطاع، وهي محاولة إسرائيلية غربية أميركية لإجبار الفلسطينيين على أن يختاروا بين الموت جوعًا أو الهجرة وإخلاء أراضي غزة للاستيطان، كما أن دخول المساعدات يُعتبر ابتزازا رخيصا وجريمة حرب وانقلابًا سافرًا على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين المقاومة والعدو الصهيوني بعد انتهاء مرحلته الأولى.
وعادةً ما ينتهز المتطرفون الصهاينة فرصة حلول شهر رمضان لإثارة العُنف والاضطراب وتأجيجه، بينما يأتي الفلسطينيون للقدس للعبادة كأداء صلاة التراويح، ورغم ممارسات قوات الاحتلال ومع ما يعيشه أهالي غزة والضفة والقدس من سوء الأوضاع الاقتصادية وتدهورها فإنهم مستمرون في الاحتفال بأجواء إيمانية إيجابية بما توفر لديهم من الإمكانيات المادية. وكم نتمنى من الدول التي تتشدق بحقوق الإنسان والمواثيق الدولية أن تضغط على الكيان لكي يسمح بمرور المساعدات ويُقلل إجراءاته التعسفية، وأن يسمح لأهل فلسطين بممارسة طقوسهم الدينية في شهر رمضان دون تضييق. لكن ليس هناك أي مستجيب؛ ويبقى الأمل دومًا بإنهاء الاحتلال يومًا ما وعودة فلسطين لأهلها، وعودة شعبها لديارهم.

كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .