مع نهاية كل عام، تبدأ العروض والتنزيلات، وينتظر المستهلك الخليجي والعربي مواسم التخفيضات وأسعار البضائع التي يطرحها التجار في أوقات محددة، البعض يطلق عليها الجمعة البيضاء، والبعض يطلق أسماء أخرى، لذا أقترح أن يكون لنا كدول مجلس التعاون الخليجي أسبوع للتخفيض السنوي يطلق عليه مثلا “الأسبوع الخليجي الذهبي” أو “الشهر الذهبي”، ويكون بداية شهر يناير من كل عام، يشمل كل المستلزمات الحياتية وأسعار الفنادق أيضا في دول المجلس، وأن تكون الأسعار مناسبة لكل فئات وشرائح المجتمع.
للحق أقول إن دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك مقومات وأجواء رائعة في هذا الفصل الشتوي الجميل، لذا هي فرصة للجهات المختصة والمستثمرين في الأنشطة المتعلقة بالسياحة والصناعة والتجارة لتحقيق إيرادات عالية بالتفكير في هذا المقترح واعتماده وتفعيله. لذا “الأسبوع الذهبي” أو “الشهر الذهبي” سيكون له مردود كبير على كافة الدول والشعوب الخليجية، وبذلك سنطور السياحة الداخلية، ونعمق ثقافة هذا التوجه، وستتعرف شعوب العالم وأبناء دول المجلس على ثقافة كل بلاد ومقوماتها بدلا من التوجه لشرق آسيا أو أوروبا في هذه الفترة من السنة التي تعد من أفضل الأوقات السياحية في دولنا الخليجية.
لدينا ولله الحمد والشكر، معالم جذب، فمن ناطحات السحاب المتلألئة إلى المدن التاريخية والقلاع والحصون، وإلى الشواطئ الجميلة والطبيعة الجبلية والمسطحات الخضراء، والأسواق الشعبية، والأحياء التراثية والمدن الحديثة والفنادق الرائعة والشمس الساطعة والرمال والكثبان، إضافة للمطارات والطرق والخدمات المختلفة، هذا التكامل سيجعل الخليج نقطة جذب كبيرة للسياح، والاختيار الأمثل بامتياز في السنوات المقبلة.
مئات من مواطني دول المجلس يتوجهون إلى دول سياحية وغير سياحية، يصرفون المئات من الريالات والعملات، رغم أن دول مجلس التعاون تملك مقومات سياحية طيبة ورائعة، لكن تحتاج فقط للتسويق وتقليل الأسعار الخيالية، وتقديم العروض المناسبة، لذا على وزراء التجارة والصناعة والسياحة في دول المجلس تبني هذا الاقتراح. فلا يعقل أن تكون التذكرة بين عواصمنا الخليجية أغلى من الذهاب لدولة آسيوية، والإقامة في فندق بإحدى الدول الخليجية ليلة واحدة يغطي تكاليف ثلاث ليال أو أكثر في مدينة آسيوية أو غيرها.
لذا من الأهمية تطوير السياحة الخليجية والكوادر العاملة في المجال، وتطوير الأماكن المميزة في كل دولة خليجية، فكل مدينة خليجية لها مميزات وأجواء سياحية، وهذا ما نشاهده الآن في الرياض التي تتعدد بها المناشط والفعاليات السياحية الكثيرة، والتي تجذب السائح الخليجي والعربي والأجنبي.
الأسبوع الذهبي المقترح إذا طبق سيحقق الهدف من تقليل الأسعار على مستوى المنطقة، ويحسن جودة الخدمات، ويطلق بهوية خليجية، وهذا لا يقتصر على السياحة الخليجية بل سيكون المجال متاحا لجميع السياح من مختلف دول العالم، فالسياحة الخليجية سيكون لها مكان على الخارطة الدولية، من خلال التسويق المشترك والهوية الجديدة “خليجنا واحد”، ويمكن أن يستمر لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر.
ما علينا سوى الاتفاق على الفكرة، وتنويع الفعاليات والتسويق كسلة واحدة بهوية واحدة، وتقديم الموروث الوطني لكل دولة بلغة حضارية، لنؤكد للعالم أننا نملك الكثير من المقومات السياحية التي تجعلنا نتفاخر بها أمام الأمم الأخرى.
وقد لفت انتباهي ما قاله معالي المستشار تركي آل الشيخ يوما ما حينما أكد أن الدول الخليجية لا تنافس بعضها في السياحة، إنما تكمل بعضها، مثلما يحدث تماما عندما يزور السائح أوروبا ويمر على أكثر من دولة.
وستكون خطوة إصدار التأشيرة السياحية الموحدة خطوة تاريخية تؤكد متانة الروابط الخليجية، ولكن أيضا هذه التأشيرة تحتاج لتقنين حتى تنعكس فوائدها الاقتصادية على الخليج كافة، بما في ذلك زيادة عائدات السياحة، وسيكون مشروع السكة الحديد القادم الذي يربط بين دول الخليج نقطة تحول في السياحة والتجارة وإنجاح الأسبوع الذهبي إذا طبق وفعل بتكامل وشراكة حقيقية.. والله من وراء القصد.
كاتب ومحلل سياسي عماني