العدد 5823
الإثنين 23 سبتمبر 2024
banner
لماذا لا تتراجع ظاهرة العنف؟
الإثنين 23 سبتمبر 2024

إن التساؤل الملح أمام حالات العنف الأسري التي تتضاعف عاما بعد آخر هو لماذا يلجأ الإنسان العربي إلى العنف كخيار أخير وحل للقضايا الأسرية، رغم أنه في نظرنا أسوأ الحلول وأبشعها على الإطلاق؟ يذهب عدد من أساتذة علم النفس التربوي بإحدى الجامعات إلى أن أهم العوامل المؤثرة في تكوين شخصية الفرد العربي نمط التربية داخل الأسرة، وأن ممارسة العنف من أحد الوالدين أو كلاهما من باب التنفيس، وقد يكون مرد ذلك الوهم الذي يسكن ذات الإنسان العربي لتأكيد الذات! وباعتقادنا أن الدافع للعنف الأسري الواقع على الأطفال والنساء تحديدا هو نزعة الرجل الشرقي للتسلط والتعرض للضغوط الحياتية اليومية.
إن حالات العنف الأسري في ازدياد مخيف، فيكفي أن نتوقف أمام قضايا العنف الأسري الواردة لنيابة الأسرة والطفل في عام واحد فقط، أي عام 2022م، حيث بلغت 3027 حالة، وهذا الحجم من الانتهاكات بحق الأسرة والطفل في عام واحد يشير إلى أن الظاهرة بحاجة إلى علاج جذري وقضية لا يجب التعامل إزاءها بوصفها حالات اعتيادية. إن نيابة الأسرة والطفل تقدم الخدمات والرعاية وتعمل على إزالة الأسباب والإشكالات الاجتماعية والمادية. وكان حدثا إيجابيا للأسرة البحرينية إضافة المشرع البحريني مادة جديدة إلى القانون تقضي بالغرامة التي لا تقل عن مئة دينار ولا تتجاوز خمسمئة دينار على كل مكلف إذا امتنع عن التبليغ عن واقعة عنف أسري خلال ثمان وأربعين ساعة من علمه بها، وثمة عقوبة مشددة اتخذها المشرع البحريني أيضا تتعلق بجريمة العنف الأسري الناجمة عن حالة وفاة أو عاهة مستديمة. ونتذكر أن لجنة الطفل والأسرة بالشورى ناقشت قضية العنف الأسري وارتأت عدم معاقبة المكلف بالتبليغ عن العنف الأسري لقناعتها بأن المبالغة في تقدير العقوبة بالحبس والغرامة قد تمنع المعتدى عليه أو أحد أفراد أسرته من التبليغ، خصوصا أن هناك دولاً عربية لم تجرم عدم التبليغ حفاظا على الأسرة وحمايتها. ربما فات اللجنة الشورية التي تضم عددا من الكفاءات أنها لم تقف على عدد الحالات التي أشرنا إليها، والتي تعد بكل المقاييس تهديدا للاستقرار في مجتمعنا.
* كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية