الجواب المنطقي للسؤال الذي ملخصه كيف تعرف إسرائيل أن القائد الفلاني “في فلسطين أو لبنان” والذي تعتبره هدفا قد استقل سيارته في لحظة معينة وتحرك من مكانه وسار في طريق محدد أو تواجد في منزله أو حيث يقصد، فتقصفه من الجو بصاروخ يقضي عليه في التو والحال، هو أن لديها على الأرض “بياعين” همهم أنفسهم وجيوبهم، ولا مكان للمبادئ والإنسانية والقضية في قاموسهم. ولأنه منطقا لا يمكن أن يكون أولئك من الإسرائيليين أو الأجانب الذين يمكن أن يفضحهم تحركهم في المكان سريعا، لذا فإن الأكيد هو أنهم من أهل المنطقة الذين يسهل عليهم التحرك والتواصل، والغالب أنهم من المقربين الذين تثق فيهم المقاومة وتتواصل معهم لسبب أو لآخر.
لا تفسير لتمكن إسرائيل من استهداف قادة المقاومة والنشطاء واغتيالهم سوى أن لديها على الأرض من تعتمد عليهم لتوفير ما يلزم من معلومات تحتاجها، وأن أولئك البياعين متمكنون ويعرفون كيف يوصلون المعلومة في الوقت المناسب. بهذه الطريقة تمكنوا حتى الآن من اغتيال العديد من القادة، والواضح أن إسرائيل ستستمر في هذا النهج، خصوصا أن ردة فعل المقاومة في كل مرة هي القول إن الاغتيالات لا تؤثر فيها وإنه “إن سيد منا خلا قام سيد”، أي أنها قادرة في كل حين على إيجاد البديل الأفضل والأقوى، وأنها “ستقتص” في الوقت المناسب أو.. قريبا. المقاومة الفلسطينية واللبنانية اكتشفت العديد من أولئك البياعين وتعاملت معهم بقسوة حيث تتوافر بين الحين والحين تقارير عن إعدام متورطين في هذا الأمر، وقيل إن يحيى السنوار قام من قبل بإعدام مجموعة منهم بنفسه.
وجود البياعين في الأراضي المحتلة ليس بالأمر الغريب، ولا الجديد، فهناك من يحلم ويأمل فيضعف وهناك من ييأس، وهذا لا يقتصر على هذه المقاومة ولا يخص هذه البلاد أو تلك، لكن الأكيد أنهم يؤثرون ويهددون وجود الذين ينتمون إليهم ويتسببون في خسارة المقاومة وأذاها.
*كاتب بحريني