مؤسف أن يمر فصل الصيف دون أن تقيم هيئة البحرين للثقافة والآثار فعالية ثقافية واحدة، وهي الهيئة التي أنيطت بها شؤون الثقافة، إنني أتذكر أن الخطة التي اعتمدتها الهيئة تصب في حماية الهوية الثقافية وإثرائها وجعلها مواكبة للعصر إلى جانب ترسيخ الانتماء الوطني، وقبل سنوات بعيدة كان هناك حضور ثقافي متنوع تمثل في المهرجانات والندوات المتنوعة التي أطلقتها الهيئة، وكان حضورها لافتا بصرف النظر عن تقييمنا لها.
أنا وغيري نتساءل لماذا انحسرت جميع هذه الفعاليات؟ ولماذا لا نشهد ولو عددا محدودا منها؟ ربما يستند القائمون في هيئة الثقافة على أنّ ما يمنح لهم من دعم ضئيل، وقد يبدو هذا مقنعا للبعض، غير أنّ هناك العديد من الفعاليات التي لا تتطلب الكثير من الدعم لإقامتها، ومنها على سبيل المثال الندوات والورش الفنية. ما كانت تقيمه الهيئة منذ سنوات أشاع حراكا ثقافيا لا تزال أصداؤه حتى اللحظة، نتذكر “تاء الشباب” الذي كان يستقطب جمهورا من الفئات الشبابية، وحتى من تعدوا هذه المرحلة. طبعا كانت أمنياتنا إشراك المثقفين والأدباء البحرينيين كمحاضرين ومدربين لكن الهيئة تجاهلتهم. إنّه من المستغرب أنّ الكثير من الطاقات البحرينية الذين أكدوا جدارتهم وتميزهم في المهرجانات العربية والخليجية لا يجدون فعالية واحدة يساهمون فيها؟ والأشد ألما أن لا أحد يحتفي بنتاجاتهم الفكرية والأدبية، ناهيك عن دعمها ولو بالحد الأدنى! إنّ الاستراتيجية الثقافية التي أسلفت الإشارة إليها والتي أكدت دعم الثقافة ووضعت الخطط بعيدة المدى باستخدام كل الوسائل لم نلمح لها أي دور في الواقع الثقافيّ. تنمية الفعل الثقافيّ بحاجة إلى الدعم والرعاية واحتضان المواهب الواعدة، بيد أنه مفتقد تماما. أما الغائب الأكبر عن تفكير القائمين على الثقافة هو معرض الكتاب الدولي الذي يقام كل عامين، وغياب مثل هذا المهرجان الثقافي يعد خسارة كبيرة لا للكتاب والأدباء وحدهم، لكن لعشاق القراءة أيضا. وغير مرة تساءلنا عن الأسباب لكن الهيئة آثرت الصمت، وإزاء هذا الغياب فإنّ محبي القراءة يضطرون إلى حضور المعارض التي تقام في الدول العربية كمعرض الشارقة الدولي.
* كاتب وتربوي بحريني