تبني التقنيات الحديثة أثمر تحسين الخدمات الحكومية
البحرين تستخدم الذكاء الاصطناعي لمراقبة الانتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي
- كرم: البصمة الكربونية للذكاء الاصطناعي قد تتجاوز بصمة قطاع الطيران
- المملكة توفر بيئة تعليمية متقدمة لتطوير المهارات اللازمة في هذا المجال
- دول الخليج تواجه تحديات الكوادر المؤهلة والتكلفة العالية للاستثمار في القطاع
- الذكاء الاصطناعي يساهم في تحسين العمليات الصناعية وتحليل المخاطر بالقطاع المالي
يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في زيادة الإنتاجية والابتكار، مما ينعكس إيجابيًا على النمو الاقتصادي، من خلال أتمتة المهام الروتينية، يمكن للشركات توجيه الموارد البشرية نحو الأنشطة الأكثر إبداعًا واستراتيجية، كما يساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير منتجات وخدمات جديدة تعتمد على البيانات والتحليلات، وتحسين تجارب العملاء وتعزيز الكفاءة التشغيلية.
ومن ناحية أخرى، تمتلك دول الخليج إمكانيات كبيرة لتصبح رائدة في هذا المجال بفضل الاستثمارات الحكومية الكبيرة في مشاريع البنية التحتية والتكنولوجيا، مما يمهد الطريق لتحقيق الريادة في الذكاء الاصطناعي.
بيّن أستاذ الذكاء الاصطناعي في الجامعة البريطانية بمملكة البحرين، محمود القرم، أن الذكاء الاصطناعي يساهم بشكل كبير في زيادة الإنتاجية والابتكار، مما ينعكس إيجابيًا على النمو الاقتصادي، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة العديد من المهام الروتينية، مما يسمح للشركات بتوجيه الموارد البشرية نحو الأنشطة الأكثر إبداعًا واستراتيجية، معطيًا أمثلة على استخدام الذكاء الاصطناعي مثل : "Google Analytics" الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتحسين استراتيجيات التسويق، و- منصة" Kavout" التي تقدم رؤى حول أداء الأسواق المالية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وتابع، أن الذكاء الاصطناعي يتيح تطوير منتجات وخدمات جديدة تعتمد على البيانات والتحليلات. على سبيل المثال، تستخدم السيارات ذاتية القيادة الذكاء الاصطناعي للتنقل بدون سائق، وتطبيقات الصحة الرقمية توفر تشخيصات طبية مخصصة، كما يمكنه تحسين تجارب العملاء، عبر تقديم تجارب مخصصة للعملاء، مثل التوصيات الشخصية على منصات مثل Amazon. كما يمكن استخدام روبوتات الدردشة لدعم العملاء بشكل فوري، مما يحسن من مستوى الخدمة ويزيد من رضا العملاء، بالإضافة إلى ذلك فإن الذكاء الاصطناعي يعزز الكفاءة التشغيلية من خلال تحسين إدارة سلسلة الإمداد والتنبؤ بالطلب، كما يمكنه تحسين استهلاك الطاقة في المباني والمصانع.
وأكد القرم، أن دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، تمتلك إمكانيات كبيرة لتصبح رائدة في هذا المجال بفضل الاستثمارات الحكومية الكبيرة في مشاريع البنية التحتية والتكنولوجيا، لافتًا إنها تضع استراتيجيات واضحة لتحقيق الريادة في الذكاء الاصطناعي، مثل رؤية السعودية 2030 واستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031.
وبين أن رؤية القيادة البحرينية في تبني التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي أثمرت عن تحسين الخدمات الحكومية بشكل كبير، كما توفر البحرين برامج للتدريب والتطوير في هذا المجال، مثل أكاديمية الذكاء الاصطناعي في كلية بوليتكنك البحرين، مشيرًا إلى المملكة تحرص على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة من خلال وضع المبادئ والقيم التي تضمن احترام الخصوصية وحقوق الإنسان، والاستدامة، والشفافية، والمسؤولية الأخلاقية.
وزاد أن البحرين تستخدم الذكاء الاصطناعي في مراقبة أشجار النخيل، مما يساعد في تقدير كمية الإنتاج وتعزيز الأمن الغذائي. هذا يوضح كيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحسين الكفاءة والإنتاجية في القطاع الزراعي، وتطور البحرين برامج تعليمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي، وتستقطب المواهب العالمية للعمل في مشاريع الذكاء الاصطناعي في المنطقة. وأشار الاستاذ الجامعي محمود القرم إلى أن البحرين توفر بيئة تعليمية متقدمة تساعد على تطوير المهارات اللازمة في هذا المجال.
وأشار القرم إلى أنه على الرغم من الإمكانيات الكبيرة، إلا أن دول الخليج تواجه تحديات مثل نقص الكوادر المؤهلة والتكلفة العالية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وأنه للتغلب على هذه التحديات يتطلب ذلك استثمارات مستمرة في التعليم والتدريب والتطوير، كما تحتاج دول الخليج إلى تعزيز البنية التحتية التكنولوجية مثل مراكز البيانات وشبكات الاتصالات، وتطوير أنظمة قوية لإدارة وتحليل البيانات، وتبني خدمات الحوسبة السحابية والأمن السيبراني. ولفت القرم إلى أن الاستثمار في هذه المجالات ضروري لتحقيق أقصى استفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي يساهم في تحسين العمليات الصناعية، تحليل المخاطر في القطاع المالي، تشخيص الأمراض في الرعاية الصحية، تخصيص العروض في التجارة الإلكترونية، والزراعة الدقيقة في القطاع الزراعي. مصيفا القرم أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إحداث تحول جذري في هذه القطاعات من خلال تحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية.
بدوره بين الخبير بالاقتصاد الأخضر والذكاء الاصطناعي محمد كرم أنه لا شك أن الذكاء الاصطناعي سيساعد الأفراد والمؤسسات والدول على تحسين الخطوات وعمليات الإنتاج والتوزيع وإعادة التدوير، كذلك سيساعد بنسبة كبيرة في عمليات البحث والتطوير، مما يساهم في زيادة القيمة الاقتصادية وكفاءتها.
وزاد، الذكاء الاصطناعي هو مجال جديد وتقنية جديدة، ومن أهم التحديات أو العقبات التي تواجهها الدول والأفراد هي: أولاً، وجود بنية تحتية تساعد على استدامته؛ ثانياً، وجود منظومة تشريعات وقوانين تحدد المسؤوليات بالنسبة للأفراد والمؤسسات؛ ثالثاً، إمكانية تطويره بما يتناسب مع معطيات واحتياجات كل فرد ومشاكل كل دولة.
وتابع، كغيره من التكنولوجيا والتقنيات، سيساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين الكفاءة في العديد من المجالات، وبالذات الصناعية، ولكن له أثر ضار فيما يتعلق بكمية الطاقة التي تحتاجها مراكز المعلومات ومراكز البيانات للذكاء الاصطناعي، وبحسب آخر الإحصاءات، تشير هذه إلى أن البصمة الكربونية لهذه المراكز قد تتجاوز البصمة الكربونية لقطاع الطيران الذي يعد واحداً من أكبر القطاعات التي تشهد زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض.
وأشار كرم إلى أن دول الخليج تمتلك العديد من العوامل التي تساعدها على أن تصبح إحدى الوجهات للذكاء الاصطناعي. أول هذه العوامل هو وجود الوفرة المالية التي تساعد هذه الدول على الاستثمار في هذا المجال. ثانياً، قدرة هذه الدول على إنشاء منظومة تشريعية وتنظيمية مناسبة. ثالثاً، قدرة هذه الدول على استضافة واحتضان المواهب والمشاريع التي تطور استخدامات الذكاء الاصطناعي وإعادة استخدامه في دول أخرى.
وبخلاف الأجهزة والمعدات والبرامج التي يحتاجها الذكاء الاصطناعي، بين كرم أن هناك العديد من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند بدء استخدام وتعميم الذكاء الاصطناعي. أولها، وجود بنية تشريعية وقانونية ملزمة للجميع، أفراداً وشركات. ثانياً، وجود أمن سيبراني وأمن إلكتروني يسمح بتحليل المعلومات والتأكد من صحة نشرها ومتابعتها. ثالثاً، وجود برامج تدريبية وتعليمية لجميع الأفراد والشركات التي ستستخدم الذكاء الاصطناعي.
وأختتم كرم حديثه لـ "البلاد" أن من أهم مميزات ومساوئ الذكاء الاصطناعي في نفس الوقت هو التطور الكبير الذي يحدث في هذا المجال. ففي أيام وشهور معدودة، يتطور هذا المجال بشكل ملحوظ، وتقوم العديد من الشركات والمؤسسات بالاستثمار فيه. وقد سمعنا مؤخراً بما أعلنت عنه شركة أبل خلال مؤتمر المطورين، حيث ستدمج استخدامات الذكاء الاصطناعي في النسخة الأخيرة من نظام التشغيل iOS 18، مما سيحدث تغييراً كبيراً في مجالات الاتصال والمعلومات.