العدد 5742
الخميس 04 يوليو 2024
أمتنا في أصعب مراحل تاريخها
الخميس 04 يوليو 2024

التاريخ سجل لأحداث الأمة، يُساير أيامها ويربط أجيالها، ويوثق حاضرها وماضيها، وسابقًا ــ قبل الإسلام ــ لم يعتمد العرب على شهور السنة القمرية في تقويم الأحداث، إنما اعتمدوا في تاريخهم على بعض الأحداث التاريخية المعروفة عندهم، كعام الفيل وحرب الفجار وإعادة بناء الكعبة وغيرها من الأحداث. التاريخ الهجري هو بداية لحظة ميلاد هذه الأمة المجيدة وانتصارها، وتحقيقًا لتطلعات أبنائها.
وشاء الله تعالى أن تكون بداية التاريخ مقرونة بالهجرة النبوية، وهي بداية تأسيس الدولة العربية الإسلامية في المدينة المنورة، والتي وضع ركائزها وأسسها وقادها النبي “محمد بن عبدالله”، وتم اعتماد هذا التاريخ ليتم فيه تدوين أحداث الدولة الفتية، وتم اتخاذه لأنه التاريخ الذي فرق بين الحق والباطل، وقد جمع الخليفة “عمر بن الخطاب” الناس فسألهم عن أول يوم يُكتب التاريخ؟ فقال “الإمام علي بن أبي طالب” (من يوم هاجر رسول الله وترك أرض الشرك). فاتفق المسلمون على جعل ابتداء التاريخ الهجري من سنة الهجرة، وجعلوا أوله شهر محرم وآخره شهر ذي الحجة.
التاريخ الهجري هو القلب النابض الذي يذكر المسلمين بتاريخهم المجيد، فقد عاشت هذه الأمة أحداثا عظيمة، كغزوة بدر وفتح مكة ومعركة القادسية، كما ترتبط أسماء شهورها بعدد من العبادات والأحكام الفقهية، كصوم شهر رمضان وأداء فريضة الحج. فالتاريخ الهجري جزء لا يتجزأ من شخصيتنا وشخصية أمتنا وهويتها، وقد التزم المسلمون بهذا التاريخ جيلًا بعد جيل، ولم يُعمل بالتاريخ الميلادي إلا بعد سقوط الدولة العثمانية في (1342هـ/ 1923م). وهو تاريخ مبارك وعظيم لارتباطه بحدث الهجرة النبوية المشرفة.
وتشهد أمتنا اليوم مرحلة من أصعب مراحل تاريخها وأشدها مرارة، مرحلة ابتليت بالضعف والوهن، والفرقة والتشرذم، والتراجع على مختلف الأصعدة، والتخلف عن ركب الحضارة. إلا أنها أمةً مازالت حية، تمرض ولا تموت، وتمتلك مخزونا كبيرا من مقومات النجاح والنهوض، وهذا النهوض يحتاج إلى وعي حضاري، وتخطيط محكم، وقيادات رشيدة، ومجهودات رائدة، وتضحيات كبيرة، في سبيل استعادة أمتنا مكانتها المرموقة بين الأمم، ودورها قي قيادة البشرية نحو قيم الخير والرخاء والسلام. فعلينا إعادة قراءة تاريخنا، وتسليط الضوء على قضايا الأمة الكبرى، قراءة تتوافق مع واقعها وتحدياتها، وبما يُعزز سُبل نهضتها.

كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .