فيما مضى من سنوات دأبت هيئة البحرين للثقافة على إقامة عدد من الفعاليات الثقافية، خصوصا في موسم الصيف، وأتذكر بين تلك الفعاليات ما كان يسمى حينها بـ “تاء الشباب”، و”ربيع الثقافة”، و”الفن التشكيليّ”، وفعاليات أخرى متعددة ومتنوعة، لسنا بحاجة للتذكير بأنّ تلك الفعاليات تعزز روح الإبداع لدى الفئة الشبابية، وفي ذات الوقت تعمق لديهم التواصل الثقافي والإنساني، والذي يجدر بنا ذكره أنّ من ينهض بجميع الأنشطة والفعاليات هم الفئة الشبابية، ولعل إحدى ثمراتها تجذير مفهوم العمل التطوعيّ بين الفئات الشبابية، ورفع المستوى الثقافي لهذه الشريحة.
إنّ شبابنا اليوم بحاجة إلى تأسيس ثقافي ينمي لديهم الحس الإنسانيّ ويعزز انتماءهم الوطني والشعور بالمسؤولية التي يستحيل أن نغرسها خارج الأطر الثقافية، وحتى قبل عامين من اليوم كانت الأندية تسهم إلى جانب الأنشطة الرياضية بفعل ثقافي ولو محدود، إلا أن قرار فصل الثقافة عن الأندية وضع المسؤولية على عاتق هيئة البحرين للثقافة، لكن المتابع لما تقوم به الهيئة يلمس أنّ جل الفعاليات تقتصر على الحفلات الموسيقية فقط، وتخلو من أية مناشط ثقافية أخرى كالمحاضرات، ولعل الغائب الأكبر عن برامج الهيئة “معارض الكتب” التي توقفت لأسباب غير مفهومة. إنّ “وزارة الثقافة” قبل أن تتحول إلى هيئة للثقافة كانت تنظم ورشا للشباب والناشئة تهدف إلى الكشف عن المواهب في كل التخصصات، والكثير منهم وجدوا في هذه الورش الفرصة لتفجير طاقاتهم وإبداعاتهم بالرغم من أنها كانت موسمية أي محددة بفترة الصيف. ولا ندري لماذا غابت كل هذه الفعاليات من برنامج هيئة البحرين للثقافة والآثار، وما الاستراتيجية التي تعتمدها الهيئة. إن بعض القائمين على شؤون الثقافة يبررون عدم إقامة الفعاليات بأنّ جمهور الثقافة في انحسار، بيد أنّ الواقع يدحض ذلك جملة وتفصيلا، فعشاق الثقافة وخصوصا معارض الكتاب والندوات الثقافية لا يزالون يقبلون عليها بحماس منقطع النظير، وأخيرا يبقى القول إنّ الثقافة ركيزة لا غنى عنها لأية نهضة حضارية، ومن الواجب الدفع بالحراك الثقافي بكل السبل.
* كاتب وتربوي بحريني