استغل حاجته للمال لسداد مديونيته واشتراه منه بثمن بخس
بطلان عقد بيع عقار لمخالفته الشريعة بــ “الربا”
أشارت المحامية رباب العريض بأن موكلها المدعي قد أقام الدعوى ضد المدعى عليهما يطلب فيها ببطلان عقد البيع الموثق، وإلزام المدعى عليه الأول بتسليمه عقار التداعي خالياً من الشواغل، مع أحقية المدعى عليه الأول في استرداد المتبقي من ثمن ذلك العقار بمبلغ قدره 3076728 دينار، وإلزام الجهة المعنية بإثبات ذلك في السجلات الرسمية واصدار وثيقة ملكية بخصوص العقار المشار إليه باسمه وتسليمها إليه.
وقالت المحامية رباب العريض في بيان ذلك أنه لكون المدعي مديناً بمبلغ مالي للبنك قام البنك برهن عدد من عقاراته في شهر أكتوبر من عام 2021 من خلال عمل اتفاق تسوية ثلاثي الأطراف فيما بينه وبين البنك والمدعى عليه الأول تضمن التزام المدعي ببيع 12 عقار للمدعى عليه الأول والذي بدوره سيدفع جزء من ثمن المبيع وقدره 8 ملايين و 500 ألف دينار نيابة عنه للبنك لتسوية المديونية المشغولة بها ذمته على أن يعقبها شطب البنك للرهن حتى يتسنى للمدعي نقل ملكية المبيع للمدعى عليه الأول، ونفاذاً لما سلف تم ابرام عقد بذلك في شهر يناير من عام 2022 ينص على بيع المدعي للمدعى عليه الأول 12 عقار ومن بينها عقار التداعي البالغ ثمنه 4376728 دينار، وابرام عقد اخر يتضمن اتفاقهما على استثناء عقار التداعي من الاتفاق المشار إليه واحتفاظه بحق شرائه لغاية شهر أغسطس من عام 2026 بثمن 6 ملايين و500 ألف دينار بقسط يدفع على 5 دفعات
وفي شهر فبراير من ذات العام تم ابرام عقد بيع تضمن بيع عقار التداعي للمدعى
عليه الأول لقاء المبلغ المقدر سلفاً وهو 4376728 دينار، وعلى اثره نقل المدعى عليه الأول ملكية عقار التداعي إليه، وبشهر مارس من العام ذاته تم ابرام ملحق رقم 2 للعقد الأخير فيما بينه وبين المدعى عليه الأول تضمن التأكيد على احتفاظه بحق شراء عقار التداعي بمبلغ 6500000 دينار خلال المدة سالفة البيان
ولما كان ما تقدم، وكان قد طلب من المدعى عليه الأول استرداد عقار التداعي وأودع في حسابه لدى البنك مقدم ثمن الشراء وقدره مليون و300 ألف دينار، إلا أنه فوجئ برفض المدعى عليه الأول تنفيذ المتفق عليه بل وغير رقم العقار في الوثيقة، ما حدا بالمدعي اقامة دعوى قضائية ضده يلزمه فيها بتحرير عقد بيع متضمن ما تم الاتفاق عليه، وصدر فيها حكماً بوقفها تعليقاً لحين الفصل في الدعوى الراهنة، ولما كان ذلك وكان المدعى عليه الأول قد استغل حاجته الملحة للمال لسداد مديونيته لصالح البنك والتصالح في الدعاوى الجنائية الصادر فيها أحكاماً بحبسه واشترى منه عقار التداعي بمبلغ بخس مقارنة بسعره السوقي وقت البيع واشتراطه استرداده خلال مدة محددة وهو ما يمثل إحدى صور الغبن الفاحش الذي يكون معه عقد البيع المؤرخ باطلاً، ويستوجب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد بأن يرد المدعى عليه الأول عقار التداعي مع التزامه برد الثمن المدفوع مخصوماً منه مبلغ المقدم وإلزام الجهة المعنية بإثبات ذلك في سجلاتها الرسمية واصدار وثيقة ملكية باسم المدعي وتسليمها إليه
وعليه فإن محكمة اول درجة قد قضت برفض الدعوى، ولم يرتض المدعي بذلك القضاء فطعن عليه بالاستئناف، وعليه قضت محكمة الاستئناف للمدعي بطلباته السابقة، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها بأن أصل البيع بين المدعي والمدعى عليه هو بيع وفاء إذ أتفق المدعي مع المدعى عليه على احتفاظه بحق استرداد المبيع بثمن يزيد على ثمن بيعه له خلال مدة معينة وهو ما يكون معه الفارق بين الثمنين "ربا" ويخالف أحكام الشريعة الإسلامية ومن ثم يكون العقد باطلاً مما يتعين معه إعادة الحال إلى ما كان عليه، وبناء على ذلك امرت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببطلان عقد البيع وإلزام المدعى عليه بتسليم عقار التداعي للمدعي، وإلزام الجهة المختصة بإثبات بطلان ذلك العقد في سجلاته واصدار وثيقة ملكية بخصوص عقار التداعي المشار إليه باسم المدعي عن نفسه.
وقالت المحكمة في اسباب حكمها أن من المقرر في قضاء التمييز أن بيع الوفاء هو البيع الذي يخفى به المتعاقدان تصرفاً قانونياً آخر، يكون في الغالب غير مشروع، كقرض "ربا" فاحش فيجعلان البيع ستاراً ولا يكشفان عن التصرف الحقيقي صراحة، وحيث ان العقد بين المدعي والمدعى عليه كان ينص على انه إذا أراد المدعي الاحتفاظ لنفسه بحق استرداد العين المبيعة أن يدفع له ثمناً أكثر من الثمن الذى قبضه خلال مدة محددة، وهو ما تستخلص معه المحكمة أن هذا البيع بيع وفاء وأن الفرق بين الثمنين ربا، وهو ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، ويترتب على ما سلف بطلان عقد البيع، وكان من أثر بطلان العقد السالف إعادة الحال إلى ما كان عليه، ومن ثم يلتزم المدعى عليه برد عقار التداعي للمدعي، وإلزام الأخير برد الثمن الذى تسلمه وقدره 4376728 دينار وفقاً للثابت بذلك العقد على أن يخصم منه المبلغ المسدد وقدره مليون و300 ألف دينار ليكون إجمالي المبلغ الواجب على المستأنف رده للمستأنف ضده الأول 3 ملايين و670 ألفاً و27 دينار، وإلزام الجهة المعنية بإثبات بطلان عقد البيع في سجلاته واصدار وثيقة ملكية جديدة بخصوص عقار التداعي المشار إليه باسم المدعي عن نفسه وتسليمها إليه.