+A
A-

أبوظبي للغة العربية يُصدر كُتب وبحوث من "برنامج المنح البحثية"

ضمن سلسلة البصائر للبحوث والدراسات، المعنية بنشر الكتب الحاصلة على منح من "برنامج المنح البحثية" الذي أطلقه مركز أبوظبي للغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، أصدرت إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في المركز مجموعة من الكتب الحاصلة على منحة البرنامج.

يحمل الكتاب الأول عنوان "البشارة والنذارة في تعبير الرؤيا" للواعظ المتصوّف أبي سعد عبد الملك بن محمّد الخركوشيّ، الذي حقّقه كل من الدكتور بلال الأرفه لي، أستاذ كرسيّ الشيخ زايد للدراسات العربيّة والإسلاميّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت والحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة يال الأميركيّة في قسم لغات الشرق الأدنى وحضاراته، والباحثة والأكاديمية لينا الجمّال، الحاصلة على شهادة الدكتوراه من دائرة اللغة العربيّة ولغات الشرق الأدنى في الجامعة الأميركيّة في بيروت، والمتخصّصة  في مجال الأدب العربيّ القديم.

الكتاب إصدار متخصّص في تفسير المنامات سبق أن نشرت نصَّه عشراتُ دور النشر في العالم العربيّ ولكن باسم ابن سيرين. وقد حظيت الطبعات الشعبيّة بشهرةٍ واسعة وحقّقت مبيعاتٍ هائلة. ويقع الكتاب ضمن نمطٍ من التأليف شاع في الأدب العربيّ بدءاً من القرن الثالث/التاسع، وعُرفت كتبه بكتب التعبير أو كتب تعبير الرؤيا. وكان أصحابها ينتمون إلى النخب الفكريّة والدينيّة في مختلف مناطق العالم الإسلاميّ.

ويعدّ "البشارة والنذارة" أقدمَ كتابٍ وَضَعه متصوِّفٌ في تعبير الرؤيا، وهو ما يسمح بتتبّع آثار التصوّف الأولى في علم التعبير الإسلاميّ. ويتضمّن مقدّمةً وتسعةً وخمسين باباً، وينتهج فيه الخركوشيّ نهج سلفه في التعبير فيؤوِّل الرؤيا بالقرآن والحديث والاشتقاق اللغويّ والمثل السائر وغير ذلك. كما يتناول طيفاً واسعاً من التأويلات. ولا تقتصر إسهامات الكتاب على علم تعبير الرؤيا، بل تتعدّاه إلى فهمٍ مغاير وربّما أعمق أو أصوب للنصوص الأدبيّة في عصره على اختلاف أنواعها، وفي طليعتها نصوص الأدب الصوفيّ. وذلك أنّ الكتاب أشبه بمعجمٍ لرمزيّة الأشياء المحسوسة والمجرّدة بما كانت تمثّله في المخيّلة الجماعيّة في القرن الرابع/العاشر.

أما الكتاب الثاني فهو "فقه تحقيق النصوص: من الصنعة إلى العلم" للدكتور فيصل عبد السلام الحفيان، مدير المشروعات لدار المخطوطات بإسطنبول ومدير معهد المخطوطات العربية سابقاً.

يُعد الكتاب، الذي يقع في عشرة فصول، استثنائياً، لكونه لا ينشغل بما تنشغل به الكتب المعياريةُ التي كرَّست مسألة التحقيق صنعةً؛ لُحمتها وسداها قواعدُ وضوابطُ وإجراءات، ليس وراءها ولا يحيط بها شيء، بل يقفز قفزاً إلى ما وراء ذلك؛ مدفوعاً بهاجسِ التَّأسيس لتلك المقاربة المركزية على أنها علم بحد ذاته. وتقول أطروحة الكتاب، إنَّ التحقيق اليوم فَقَد سنده التَّاريخي المزدوج المتمثِّل في علوم الحديث الشريف منهجاً؛ وعلمِ أدب العلم قِيَماً، وإنَّ الإطار الغربيَّ (الفيلولوجي) لا يُغنيه، وإنَّ الاستعادةَ غيرُ واردة، والاستعارةَ غيرُ كافية، فلم يبق أمامنا إلا بناءُ سَنَد جديد، ليس تاريخاً، ولا لغة، بل مزيجٌ منهما؛ مؤيَّداً بتعالُقات معرفية. وقد حاك الكتابُ أفكاره من خيوط التفكير النَّظري؛ المغزولةِ من مراجعة الأدبيَّات؛ واستشراف الآفاق، وقدَّم مقولاتٍ جديدةً؛ وأحياناً جريئة.

ويحمل الكتاب الثالث عنوان "بنية الاضطراب.. الرواية العربية في الألفية الثالثة"، للدكتور محسن جاسم الموسوي،

أستاذ الدراسات العربية والمقارنة في جامعة كولومبيا – نيويورك.  وتنطوي مناقشات الكتاب على مجموعة فرضيات تتجاذب حركة السرد ووظائفه واشتغالاته في ضوء التحوّلات القسرية والطبيعية التي تتشكّل منها مهاداته في مطالع الألفية الثالثة.

فعلى الصعيد النظري، هناك ما يسمى (أثر الفراشة)، أي الاضطراب المترتب على حركة ما صغيرة أو كبيرة في عالم اليوم، وهناك (التخطيط العولمي) الذي يعني تداخلاً واسعاً على الأصعدة البشرية والبيئية والمعلوماتية فرضه (النظام العالمي الجديد) واقتصاداته (اللبرالية الجديدة). وتأتي الحروب بأصنافها مهمة وأساسية كما يظهر ذلك في الوعي الذي تستطلعه ماهية السرد العربي.

وكان أن جرت قراءة عشرات الروايات التي ظهرت حديثاً، أي في الألفية الثالثة، والتي تميّزت بميل شديد للأزمة وتداعياتها البيئية والبشرية والنفسية، وتجسّد ذلك أيضاً في الهجرة والرحيل والتفكّك واكتظاظ مظاهر الانحطاط الاجتماعي، بينما تأتي الجوائز متعاقبة في مطلع الألفية عاملاً مشجعاً على الاستزادة في الكتابة. وهكذا جاء سيل من الروي لم يكن ميسوراً من قبل. ومثل هذا العامل لا يقل شأناً إنتاجياً عن العوامل الأخرى الآنفة، في توليد سرديات تميّزت باكتظاظ الفعل وتأزم الشخوص وانحطاط البيئة وتسارع الروي وغلبة العنف.