يتمتع العقل البشري بمقدرات عالية وامكانيات عظيمة لا حصر لها، وكل هذا من نعم الخالق العظيم لعباده. ومنذ بداية البشرية يخترع الإنسان ويبدع في الاختراع، ومن هذه الاختراعات استفادت البشرية وحدث تطور كبير في الحياة بسبب الاختراعات نتاج الفكر والعقل البشري الموهوب. وبسبب الاهتمام بالاختراعات ظهرت الضرورة للاهتمام بالمخترعين لتشجيعهم للمزيد من الاختراعات لصالح الجميع ولصالح المخترعين أيضا بحفظ حقوقهم للدرجة التي تمكنهم من الاستفادة المادية من هذه الحقوق وكل ما يرتبط بها.
ويلعب القانون دورا كبيرا في هذا الشأن. وكمثال، نتطرق لقانون براءات الاختراع البحريني لعام 2004 وتعديلاته. إذ تمنح براءة الاختراع، وفقاً لهذا القانون، عن كل اختراع جديد يشتمل على خطوة إبداعية، ويكون قابلا للتطبيق الصناعي. وهذا ينطبق سواء أكان الاختراع متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة مستوردة أم منتجة محليا، أم بطرق صناعية أم بتطبيق جديد لطرق صناعية مختلفة. وأيضا وبصفة مستقلة، تمنح البراءة لكل من ابتدع تعديلا أو تحسينا أو إضافة ترد على اختراع سبق أن منحت عنه براءة، ويكون منح البراءة لصاحب التعديل أو التحسين أو الإضافة وفقا لأحكام القانون.
ولتوضيح ما ورد أعلاه نضيف، يعتبر الاختراع “جديد” إذا لم يكن ضمن حالة التقنية الصناعية السابقة. ويعتبر الاختراع مشتملا على “خطوة ابداعية” إذا لم يكن التوصل إليه بديهيا للرجل الماهر في الفن المتعلق بموضوع الاختراع. ويعتبر الاختراع “قابلا للتطبيق الصناعي” إذا أمكن تطبيقه في الزراعة أو صيد الأسماك أو الخدمات أو الحرف اليدوية أو أي نوع من أنواع الصناعة بأوسع معانيها.
وبعد هذا التوضيح، نضيف وننبه إلى أنه لا تمنح البراءة إذا كان موضوع الاختراع قد أفصح عنه للجمهور في البحرين أو في الخارج بالوصف، الكتابي أو الشفوي، أو بالاستعمال أو بأية وسيلة أخرى يتحقق بها العلم بمضمون الاختراع قبل تاريخ تقديم طلب منح البراءة أو تاريخ الأولوية عند المطالبة به. ولا يعد إفصاحا، الكشف عن الاختراع في المعارض الدولية الرسمية أو المعترف بها رسميا طبقا للقانون بشرط الإفصاح في طلب البراءة عن كافة التفاصيل المتعلقة بهذا الكشف. أو الكشف الذي لا يتم من قبل طالب البراءة أو بتصريح منه أو من خلاله وذلك كله إذا كان الكشف قد تم خلال الـ 12 شهر السابقة على تقديم طلب منح البراءة أو تاريخ الأولوية عند المطالبة به.
ووفق القانون أيضا، لا تمنح براءة اختراع لكل الاختراعات التي يكون حظر استغلالها تجاريا من الأمور الضرورية لحماية النظام العام والآداب العامة، بما في ذلك حماية حياة وصحة الإنسان أو الحيوان أو النباتات أو لتفادي إلحاق أضرار بالبيئة والحيوانات. وكذلك لا تمنح البراءة في حالات، طرق التشخيص والعلاج والجراحة اللازمة لعلاج الإنسان أو الحيوان، ولا يسري ذلك بشأن المنتجات التي تستخدم في هذه الطرق. ومع عدم الاخلال ببعض أحكام القانون، يجوز منح البراءة لأي استخدام أو طريقة استخدام منتج معروف بما في ذلك المنتج الذي يستخدم في حالات طبية معينة. وننوه هنا إلى ضرورة وأهمية معرفة الحالات التي يجوز فيها منح البراءة أو العكس بعدم جواز منح البراءة. والقانون هو الفيصل ويتضمن التفاصيل.
وبعد معرفة الحالات التي يجوز فيها منح البراءة، يكون لكل شخص طبيعي أو اعتباري الحق في التقدم إلى الجهة الإدارية المختصة بالملكية الصناعية بطلب لتسجيل براءة اختراع وأن يكتسب ما يترتب على ذلك من حقوق طبقاً لأحكام القانون. وهذا ينطبق إذا كان هذا الشخص بحرينيًّا أو من الأجانب الذين ينتمون إلى أي من البلدان الأعضاء في “اتحاد باريس لحماية الملكية الصناعية” أو إلى أي من البلدان التي يتمتع مواطنوها بالمعاملة الوطنية بموجب أي من الاتفاقيات الثنائية أو الدولية المعمول بها في البحرين أو إذا كان لدى هذا الشخص في إقليم ذلك البلد منشأة صناعية أو تجارية حقيقية وفعالة.
إن قانون براءات الاختراع به كل الضمانات القانونية المطلوبة لتسجيل براءات الاختراع واكتساب كل الحقوق المترتبة على التسجيل. وهذا يمثل دعما كبيرا لتشجيع وتحفيز كل من لديه اختراع، جديد ومبدع وقابل للتطبيق الصناعي، لأن يتقدم للجهات المختصة لتسجيل براءة الاختراع. وعبر هذه الإجراءات الواضحة، يفتح المجال للعقول الموهوبة لشحذ الهمم وتقوية الإرادة الذاتية لإنتاج وإبداع كل ما هو جديد ونافع للمستقبل. وهكذا تتطور البشرية بفضل هذه الكفاءات العالية والمبدعة.