يُعتبر الفساد آفة التقدم، والمُعيق للتنمية، وهو النار التي تُحرق مكتسبات الاقتصاد والتنمية، حيث يلغي النزاهة ويَهدم الشفافية، ولأجل ذلك، تجب محاربته والقضاء عليه، والتنكيل بأتباعه، فهو تحدٍ تواجهه الأمم وأجيالها منذُ زمن ليس قصيرا، ويُهدد حياة المجتمعات ويعبث بمصالح الناس ويخل باستقرارهم، ويُغذي الصراعات ويُعيق عمليات إحلال السلام، ويُفاقم الفقر، ويُسهل الاستخدام السيئ للموارد المجتمعية، كما يُتيح التمويل للنزاع المسلح بين الأمم والشعوب، وتحتفل الأمم المتحدة ودولها باليوم العالمي لمكافحة الفساد في ديسمبر من كل عام.
ويؤدي الفساد بتنوعه إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني ومقوماته، ويُعيق تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، ويُبطئ مستويات التنمية المستدامة، ويُعجل بتراجعها في جميع الدول، نتيجة “عدم الاستغلال العقلاني للموارد المتاحة وضعف الاستثمارات وبسبب عدم التطبيق الفعلي للقوانين”، ومع انتشار الفساد وتغلغله بكل المؤسسات تكون الدولة عاجزة عن معالجة الفقر والجوع وتوفير الصحة الجيدة والتعليم لمواطنيها، وتنتشر مختلف الجرائم في ربوعها، وتحدث الخسائر الاقتصادية، ويحدث اختلال بالقطاع العام والخاص، وتصاب النُظم الاقتصادية والسياسية بالانهيار، كما أنه يؤدي لعرقلة تمويل المبادرات المناهضة للتغير المناخي.
تحجيم الفساد وتاليًا اجتثاثه يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمواطنين، فالتصدي للفساد مسؤولية رسمية ومجتمعية مشتركة سواء كان في المؤسسات العامة أو الخاصة، لذا، يجب أن يتحلى المواطن بالوعي بنبذ الفساد وعدم التعاطي معه.
ويُسلط احتفال 2022م الضوء على “الصلة الوثيقة بين مكافحة الفساد والسلام والأمن والتنمية” وهي علاقة مترابطة، فلا يمكن تحقيق التنمية والأمن والسلام بوجود الفساد، وبالقضاء عليه ستتمكن الدول من صنع عالم تنموي أفضل، يُعزز من نمائها ورخاء شعوبها، وبزواله ستردم الدول مستنقعات البيروقراطية والتخلف، وستتقدم التنمية بزيادة الاستثمار المحلي والأجنبي. يهدف الاحتفاء به من أجل إذكاء الوعي بالفساد وبدور اتفاقية مكافحة الفساد الأممية، ومنعه يضمن إقامة مجتمعات نقية نظيفة، وتكون الدولة قادرة على القضاء على الفقر والجوع وتعميم التعليم وتعزيز المساواة بين الجنسين وتحسين الصحة وضمان الاستدامة البيئية.
* كاتب وتربوي بحريني