يحتفي المسلمون في دول العالم في العاشر من محرم من كل عام بذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب “عليه السلام”، لقد كان استشهاده في معركة كربلاء عام 61هـ درسًا ساميًا في التضحية والجهاد والفداء، وبعد هذه السنين العديدة من استشهاده فإن الأمة العربية تحتاج في هذه الأيام إلى استلهام تلك الدروس الجهادية وتوظيفها في حياتها لتظفر بمبادئها في الوحدة والحرية والتنمية الوطنية، وتحقق النصر لذاتها وهويتها ووجودها، وتكون قادرة على خدمة رسالتها الخالدة، متخذة من صبر الإمام الحسين وصِدق مبادئه قدوة ملهمة لها بمسيرتها.
ومن تلك الدروس أن الباطل ضعيف وهش، وأن الحق قوي يستمد قوته من همة وعزيمة أبطاله وإيمانهم بربهم ناصر الحق، وكلما كان الحق قويًا تراجع الباطل منهزمًا، فتبقى كلمة الحق هي العُليا وكلمة الباطل هي السفلى، ومنها أيضًا الوقوف بكل شجاعة أمام قوى الباطل لاستلهام العِبرة وشد العَزم على مواصلة العمل من أجل تحقيق أهدافنا الوطنية والقومية، مُقدمين على ذلك عزيز التضحيات وغالي الأنفس من أجلها، ومن دروسها الثبات على المبادئ، وكذلك هي وسيلة للتغيير من أجل استمرار رسالة الأمة ودينها، فمن سار مع الإمام الحسين من المدينة حتى كربلاء كان يؤمن بالتغيير لتحقيق الحياة الأفضل، واستشهد الإمام الحسين وأصحابه ولم يموتوا بل بقوا أحياء تتجدد ذكراهم في كل موسم لعاشوراء، وبهذه الدماء ازداد نور الإسلام وثبتت قيمه وشرائعه.
ستبقى ذكرى استشهاد الامام الحسين “عليه السلام” سيد شباب أهل الجنة حية عطرة، ومنارة تضيء دروب الخير والنماء والعطاء، وتعود علينا عامًا بعد عام كرسالة للبشر في كل مكان وزمان تحمل في طياتها كلُ معاني الحق.