+A
A-

مطلوب عنوان وعدّاد كهربائي لكل شقة

عندما يتقاعد معظم كبار السن من المواطنين يكون قرارهم الأول، عادة، بناء شقق سكنية لأبنائهم أو بناتهم في البيت “العود”. 
الغرض الرئيس هو تلبية رغبة أرباب الأسر في أن يكون سكن أبنائهم وبناتهم قريبًا منهم، وهذا ما تعودوا عليه منذ زمن الآباء والأجداد. ومن ناحية أخرى، زيادة الرصيد العقاري والسكني والذي يسهم بصورة تلقائية في تخفيف الضغط على وزارة الإسكان، وخاصة بما تعانيه الموازنة العامة من عجز، على الرغم من نجاح سياسة التعافي الاقتصادي التي اختطها سمو ولي العهد رئيس الوزراء.
تعتبر هذه المساهمة الإيجابية من الأهالي التفاتة اجتماعية جميلة منهم لأبنائهم يجب المحافظة عليها. 
ولكن هذه الفكرة التكاملية التي ينفق عليها الآباء كل ما يملكون بعد التقاعد، حفاظاً على التركيبة العائلية في البيت الواحد والتركيبة الاجتماعية في مدنهم وقراهم، تقابلها تعقيدات كثيرة وبيروقراطية. فالإجراءات المنظمة لذلك بها معوقات عدة وضعتها الجهات المختصة في الحكومة الموقرة ومنها هيئة التخطيط والتطوير العمراني والبلديات والكهرباء والماء.
يتطلب الأمر في البداية عنوانًا لكل شقة سكنية وهنا مربط الفرس. البلدية ترفض إعطاء عناوين لهذه الشقق إلا في الحالات التي يسمح بها القانون، أي من خلال الحصول على ترخيص بناء يتناسب ويتوافق مع الاشتراطات التنظيمية للتعمير وتصنيف العمران. القانون هنا يقول لا بد أن تكون المنطقة استثمارية وليست منطقة سكن خاص ناهيك عن وقف التعمير من قبل هيئة الثقافة والآثار في مناطق السكن القديم والمسماة قانونا مناطق السكن المتصل (أ) و(ب)، بحجة الحفاظ على الطابع التقليدي للمدن والقرى مما سيحول هذه المناطق إلى ما يسمى بالمناطق السكنية العشوائية والمتهالكة، على الرغم مما صرفته الدولة على مدى العقود الأربعة الماضية من تكاليف إنشاء وتطوير شبكات البنية التحتية.
هيئة الكهرباء والماء تصر على عدم توفير عدّاد لكل شقة إلا في حالة وجود عنوان. وهنا يبدأ الدوران حول سالفة “البيضة أم الدجاجة” أو الدخول في دوامة لا تنتهي.
ما يحدث هو أن رب البيت المتقاعد يتحمل مصروفات الكهرباء والماء لشقق أبنائه ولا يستطيع أن يحاسبهم لعدم وجود العدّاد، وحاليا يتسبب ذلك في خلق مشاكل اجتماعية حول معدلات الاستهلاك بين الوالد والأبناء والبنات وأزواجهم وزوجاتهم، وخاصة أن أسعار وحدات الكهرباء تكون مرتفعة كلما زاد استهلاك البيت من الكهرباء. المشكلة الاجتماعية الأخرى هي عدم توفر الشقق السكنية المناسبة في معظم المناطق أو غلاء إيجاراتها بحيث لا يتحملها الأولاد والبنات، وخاصة إن كانوا لا يعملون. وهذا سبب رئيس لطول قائمة المنتظرين لسنوات عديدة للحصول على سكن، إن كان شقة أو وحدة سكنية.
البحرين الحبيبة تُعرف منذ زمن بعيد بمجتمعها المترابط والآمن، وريادتها في مشاريع الإسكان والتنمية العمرانية. وبإمكان هذه الجهات من خلال التخطيط بمختلف مستوياته على المدى العاجل والبعيد، وفي إطار المخطط الوطني الهيكلي لمملكة البحرين، والذي تبناه سمو ولي العهد رئيس الوزراء منذ العام 2006م، وأصدر قانونه صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وما يتضمنه من رؤى ملكية سامية للحفاظ على التركيبة الاجتماعية لمدن وقرى البحرين من خلال سكن الأبناء بمناطقهم الاصلية بالقرب من عوائلهم الممتدة، ومن خلال السعي بقدر الإمكان للإبقاء على روح هذا الترابط في مجتمعنا الحديث بالتنسيق بين مختلف فئات المجتمع البحريني، من أجل تخطيط عمراني يسمح بهذه الأفكار، أن يتم تنفيذها في صالح المواطن وفي نفس الوقت عدم التعارض مع القانون.
وختاما، فإن السؤال البسيط الذي بودي أن يصل لهيئة التخطيط والتطوير العمراني، وكذلك البلديات وممثلي المجالس البلدية في المملكة هو: أليس بالإمكان إعادة تصنيف المناطق السكنية المختلفة للمواطنين في السكن الخاص (أ) أو غيرها من التصنيفات التي لا تسمح حاليا بالاستفادة من هذه الخاصية المهمة للمواطنين. وبذلك تسمح الإدارات المختصة في الدولة للبيوت السكنية العائلية بإنشاء الشقق السكنية لأبنائهم أو بناتهم في اي منطقة سكنية يسكنونها (السكن الخاص) وبدون تحديد، وإعطائها العناوين اللازمة، ومن ثم تسهيل الحصول على خدمة الكهرباء والماء سيساعد ذلك بدون شك على تحقيق سكن ملائم لكل أسرة بحرينية.
كما انه بالإمكان وببساطة وضع الآليات اللازمة والمناسبة لعدم مخالفة أصحاب البيوت للقانون عندما تُحوّل شقق الأولاد إلى شقق للإيجار مثلا.
أيضا يمكن للآباء مستقبلا تقنين تملك الشقق لأبنائهم من خلال نظام بيع الشقق والطبقات، أو الانتظار حتى توزع فيما بعد حسب الشرع عن طريق الورث.

حسين مدن 
باحث وناشط اجتماعي