العدد 4960
السبت 14 مايو 2022
banner
موظف منتج خير من رائد أعمال فاشل
السبت 14 مايو 2022

تخيل أن تفضي أجمل سنوات عمرك في تقديم كل جهد ووقت في إنشاء أو توسعة مبنى ضخم، وبعد مضي كل تلك السنوات تلتفت للخلف لتجد أنك مجرد عابر سبيل أو مقيم مؤقت في هذا المبنى، وقد انتهت علاقتك فيه بشهادة شكر وكعكة واحتفال للتقاعد في أحسن الأحوال، إضافة إلى تعويض نهاية خدمة كنت تنظر إليه خلال سنوات وظيفتك على أنه جمل كبير سيحملك إلى النهاية السعيدة وإذا هو صوص صغير تبخر من بين أصابعك سريعا ولم يبق منه سوى الريش.
لكن بالمقابل هل ريادة الأعمال هي الحل الأمثل بالنسبة لك؟ هل فعلا كل رواد الأعمال رابحين وكل الموظفين خاسرين؟ أليست الصورة السوداء عن الوظيفة يرسمها فقط رواد أعمال ينطبق عليهم المثل الشعبي “ما يمدح السوق إلا من ربح فيه”؟
حقيقة الأمر ريادة الأعمال ليست بهذه السهولة التي يتصورها البعيد عن عالم الأعمال، فهي بحاجة لساعات عمل أكثر بكثير من الوظيفة ونسبة مخاطرة قد تصل برائد العمل إلى الهاوية، كما لا يوجد أي دعم حقيقي في حال الخسارة لا سمح الله، فلا يوجد جهة في العالم مستعدة لدفع ديون رائد العمل في حالة الخسارة، وفي نفس الوقت يقع الرواد في دائرة توقعات المجتمع والسلطة، فهم يتوقعون منه دفع الضرائب والبيع بأسعار منخفضة وتوفير فرص عمل كثيرة وأن يتحمل أغلب المشاكل الاقتصادية وإلا سيكون عنوانه التاجر الجشع.
كل هذه السلبيات لا تعني بأن العمل الحر سيئ ويجب تجنبه لكنها صورة واقعية لكل من يعتقد أن ريادة الأعمال أفضل من العمل الوظيفي أو العكس، فبطبيعة الحال كل شيء في الحياة له إيجابياته وسلبياته، ومن إيجابيات ريادة الأعمال عدم وجود حدود كما هو الحال في الوظيفة، فرائد العمل قادر على العمل في أي مجال ومن أي مكان في العالم، كما لا يوجد حدود للربح على عكس الراتب الوظيفي، أيضًا رائد الأعمال قادر أن يبرز إنجازاته بشكل أكبر للمجتمع على عكس الموظف الذي من الممكن جدًا أن يُظلم وتنسب إنجازاته لأشخاص آخرين على حسب منصبهم الوظيفي، لكن كيف من الممكن أن يعمل رواد الأعمال من دون موظفين؟
سر نجاح أغلب الشركات في العالم يعود لجودة موظفيها، ولا يمكن لرواد الأعمال التوسع بالنجاح من دون موظفين، وبسبب هذه الأهمية يوجد الكثير من الإيجابيات للعمل كموظف بدل ريادة الأعمال، فالموظف غير ملزم بخسارة الشركة ولا يتحمل ضغط التزاماتها المالية، ولديه القدرة للانتقال لأي وظيفة وفي أي وقت مناسب له، كما أن هناك الكثير من الدعم الحكومي المقدم للموظفين وهو محرم على رواد الأعمال مثل بدل التعطل، فهل يعني أن العمل الوظيفي أمان أكثر؟ فقط تخيل مجتمعا من دون رواد أعمال، كيف يمكن أن يكون هناك وظائف!
الوظيفة أم العمل الحر سؤال لن تجد له إجابة نموذجية، كل منهم له سلبياته وإيجابياته، وتحديد الأنسب لك يتوقف على طموحك والتزامك ونشاطك وشغفك وطبيعة شخصيتك.
نداء لدعاة التحفيز
“بس عاد” توقفوا عن دفع الناس لاختيارات هي فقط بمخيلتكم أنها الأفضل، لا تدفعوا الناس لكره وظائفهم وايهامهم بأن ريادة الأعمال أو المتاجرة بالبتكوين هو الحلم الوردي سهل التحقيق، وأكاد أجزم أن غالبيتكم لم يجرب ما يقول، بل نقل منشورات أجنبية وترجمها للعربية لكي يبدو من المؤثرين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية