العدد 4844
الثلاثاء 18 يناير 2022
banner
“إغاثة القلوب”
الثلاثاء 18 يناير 2022

اليتيم لا ينتظر مادة أو ملبسا أو مسكنا، بقدر ما يحتاج إلى الصدر الحنون، والعائلة، والاهتمام، والقلوب المجتمعة، التي تلم وتحتضن وتهتم وتسأل، ولا تغادر أبداً، وكم من حكايات من الواقع المؤلم سمعناها، عن “أعمام وأخوال وأقرب الأقربين”، ممن لا يسألون عن ذويهم من الأيتام قيد شعرة، ولا يهتمون لمستقبلهم أو مصالحهم أو ظروفهم أو أوجاعهم.


الغربة في الوطن ألم، والغربة في العائلة ألم أكبر، ومن المحزن أن تغرق المجتمعات العربية، بحالات الانفصام، والانفصال، عن الأيتام، والذين أوصى بهم الرسول الكريم، وأية وصاية؟ قبل يومين قرأت مقالاً عميقا وجميلا كصاحبه، كتبه الأمين العام للمؤسسة الخيرية الملكية الدكتور مصطفى السيد ونشرته الصحف المحلية، منها “البلاد”، بعنوان “غداء في القدس.. منسف بمئة دولار”، أوجز به السيد عن واقعة جميلة لزيارته الأولى لمدينة القدس، والمسجد الأقصى تحديداً، حيث التقى بجمع من المقدسيين في إحدى دور الأيتام، وكانت بداية ما حدث. يقول السيد إنه تمت دعوته لوجبة المنسف الشهيرة، وحين جلس على الطاولة بمعية الأيتام، رأى منهم تحفظاً في تناول الوجبة، وخجل، وحرج بالرغم من فقرهم، فما كان منه إلا أن أخرج مئة دولار ووضعها على الطاولة، وقال بحماس “من ينهي طبقه كاملاً فله هذه المئة دولار”.


سعد الأطفال بهذه المسابقة، وتسابقوا على تناول الطعام حتى النهاية، وهنا تحرج السيد من أن يمنح أحدهم فقط المئة دولار دون غيره، فما كان منه إلا أن أخرج مبلغ مصاريف الطوارئ من جيبه، وقام بتوزيع مئة دولار لكل منهم وعددهم 22 طفلاً بالتمام والكمال.


إن الحس الإنساني تجاه الأيتام نعمة عظيمة اصطفاها الله عز وجل لمن يحبهم من عباده، والتسخير لخدمتهم، ورعايتهم، وزيارتهم، والسفر لأجلهم نعمة أكبر وأعظم، وأجل وأسمى.


رعاية الأيتام كنز نفيس، وهبة ربانية، لا يتسابق لها إلا المحظوظون والأوفياء، ممن يمهرون في إغاثة القلوب، ومصطفى السيد أحدهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية