العدد 4839
الخميس 13 يناير 2022
banner
الجنازة اليتيمة
الخميس 13 يناير 2022

ما يحدث من خصومة وقطيعة طويلة بين أبناء الأسرة الواحدة، بل وأبناء البطن الواحد، يدفع إلى المخيلة الكثير من التساؤلات عما يحدث، ولماذا؟ ولمصلحة من؟
قطع صلة الرحم، بسببه يضيق الرزق، ويقصر العمر، في عصر غلبت فيه المادة والمصلحة، واستمرارية العلاقات بناء على مدى الحاجة للغير.
ولا يبتعد الأبناء بهذا الحال عن ذويهم كثيراً، فكم تغرق دور العجزة والمسنين، بمسنين يضربون الأخماس والأسداس، بحزن ووجع وقهر، وهم يترقبون زيارة خاطفة لأولادهم، وهو ما لا يحدث.
قبل عشر سنوات تقريبا، حدثني صديق تعمل زوجته ممرضة، بأنها وأثناء زيارتها للوقوف على الحالة الصحية لمسنة مقيمة في بيت ابنها “مرة كل أسبوع”، حيث وصفت حالة الأم بالرثة والمؤلمة جداً، جسدياً ونفسياً وعاطفياً.
وتقول إن الأم كانت مكومة بغرفة صغيرة جداً، رغم رحابة البيت، وكبر حجمه، وإن سريرها يكون دوماً عفن الرائحة، وتغذيتها سيئة، وزوجة ابنها كانت تسيء معاملتها بسبب أو بدون سبب، وكانت مقلة جداً بالكلام، ومكتئبة.
عجبت يومها مما يحدث، وتساءلت عن الأسباب، فقال لي صديقي “هذا من مخرجات الزمن الجديد الذي نعيش فيه، وما خفي أعظم” وكان على حق.
التقيت به بعد عدة سنوات، بسبب سفره إلى الخارج للدراسة، وتذكرت قضية المرأة المسنة هذه، فسألته عنها وعن أخبارها، فقال إنها توفيت منذ فترة طويلة بسبب مضاعفات مرض السكري، وأن مراسم دفنها كانت الأسرع بالتاريخ، وبلا حضور.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية