+A
A-

السرطان نقطة تحول وليس نهاية العطاء والأمل

بصوت ينشر الأمل، قالت المتعافية ومحاربة السرطان فرح علي “إلى جميع المرضى الذين شُخِصوا بمرض السرطان وإلى من بدأ في رحلة العلاج الكيماوي أو ينتظر أخذ هذه الجرعات، كنت في يوم من الأيام أستلقي على السرير الذي تستلقون عليه الآن، وقد مررت بجميع مراحل ومضاعفات العلاج، لكنني اليوم أقف متعافية بعد أن حاربت المستعمرة التي غزت جسدي”.
كلمات تبعث الأمل نشرتها المتعافية فرح علي خلال بث لأول حلقة من سلسلة أكتوبر الوردي الذي بثته صحيفة البلاد يوم الثلاثاء (6 أكتوبر 2021) والتي أدارها الصحافي سعيد محمد؛ تزامنًا مع شهر التوعية بمرض سرطان الثدي.
وأضافت “أنا اليوم أقدم الدعم للجميع، فالدعم لا يتوقف عند مراحل العلاج؛ لذا ستكون أيها المحارب في يوم من الأيام في مكاني هذا لتقدم الدعم للآخرين، لتنقل تجربتك ولتبث الأمل”.
فرح علي أكدت أن مرض السرطان ليس نهاية العطاء أو الأمل، فالمرض فرصة للتغيير، مشيرة إلى أن رحلتها مع السرطان كانت سببا في تغيير شخصيتها، فقد كان سببًا لتقف اليوم لتدعم جميع المرضى دون استثناء.
وقالت “(أكتوبر الوردي) للجميع، فمرض سرطان الثدي ليس حصرًا على النساء، قد يكون هذا النوع من السرطان شائعًا لدى النساء، إلا أن هناك نسبة من الرجال يصابون به، لا بد أن يكون هذا الشهر هو شهر لتوعية الجميع رجالًا ونساء بأهمية الفحص المبكر والفحص الذاتي”.
وأضافت “أكتوبر هو شهر تثقيفي توعوي بأهمية الفحص المبكر من جهة ولدعم المرضى من جهة أخرى”.
وروت فرح علي تجربتها مع المرض ودور الأهل، قائلة “بعد التشخيص واكتشاف المرض جاء دور إيصال الخبر إلى العائلة، جلست مع أختي وأخي (رحمه الله) أبلغتهم بأني مصابة بالسرطان، وما إن علم الجميع بإصابتي حتى تحول جميع أفراد الأسرة إلى خلية نحل وأصبحت الملكة، الجميع كان له دور في رحلة علاجي منهم من كان يحضر معي جلسات العلاج ومن يهتم بالطعام والتعقيم وغيرها، وآخرون يعتنون بابنتي وتجارتي، وكان فكري في ذلك الوقت مُنصبا فقط على محاربة المستعمرة التي كانت موجودة في داخلي وبفضل الله والعلاج والأهل والأصدقاء استطعت التغلب على المرض”.
وأضافت “الأصدقاء كان لهم دور كبير في الدعم النفسي حتى إن بعض الصديقات قمن بقص شعرهن حتى لا أشعر باختلاف عنهن، كنت محظوظة أن الجميع كانوا حولي مثل خلية النحل قدموا لي دعما كبيرا جعلني اليوم أتجاوز مرحلة الزعل منهم، فقد كانوا موجودين معي في أكثر اللحظات شدةً”.
وأكدت أن الدور الأكبر يكون على الأهل، فالطبيب يضع خطة العلاج والمرشد النفسي يكون موجودا، ولكن ليس طوال الوقت، إلا أن الأسرة يكون دورها الأكبر في خطة العلاج.
وقالت “بعد العلاج قضيت في الخارج وقتا مع أهالي مرضى سرطان وممرضين وأطباء ومرضى سرطان؛ وذلك لأخذ خلاصة هذه التجارب لأقدم الدعم إلى المرضى في بلدي”.
وأضافت “إن المريض يحتاج إلى دليل كالمسافر إلى أي دولة، فأثناء رحلة العلاج كنت أرغب في الحديث مع متعافٍ ليكون هو دليلي في هذه الرحلة لم أكن أبحث عن طبيب كنت أبحث عن تجربة لتكون دليلي، وأنا اليوم أحاول أن أكون دليلا للمرضى، وأتمنى أن أكون وفِقت في إيصال بعض الحالات لبر الأمان”.
وتابعت “رحلة التشخيص والعلاج والتعافي هي رحلة يوجد فيها الكثير من المطبات الهوائية والمرتفعات التي يتخللها الظلام الذي مشيت فيها شخصيًا، فأول محطات الظلام كانت منطقة التصادم الأول، فبعد ثالث يوم من الجرعة الأول من إبرة المناعة كنت أشعر بالألم في كل جسدي لم يكن هناك منطقة ألم محددة، فالألم كان منتشرا، ثاني محطة كانت بعد أسبوعين من أول جرعة عندما استيقظت من النوم ورأيت شعري على الوسادة وخلال 48 ساعة فقدت كل شعري بعدها رموش العين والحواجب”.
وأضافت “عندما تساقطت رموش عيني بدأت لعبة كنا نلعبها ونحن صغار أطفال وهي التمني عند سقوط رمش العين، أخذت أتمنى وأنا أضحك وأبكي في نفس الوقت، إلا إن يقيني بالله كان أكبر ودعم أسرتي كان يعطيني الدافع للمواصلة والمحاربة”.
وأكدت أن بعد ما مرت به من محطات وصفتها بالمظلمة وبعد تقلب المزاج الذي كانت تعاني منه بسبب العلاج أصبحت قادرة اليوم على التعامل مع كل الأمزجة، قائلة “أيها المريض لقد كنت في يوم من الأيام مكانك عايشت ألمك، مررت بمضاعفاتك وبتقلبات مزاجك، إذ كنت الآن تمشي في الطريق المظلم، فأنا قادرة على أن أكون معك للخروج من هذا الطريق”. 
ولفتت إلى أنه أثناء تلقيها العلاج لم يكن هناك من يقدم الدعم للمرضى، مشيرة إلى أنه اليوم هناك الكثير من المتعافين الذين يسعون لإيصال الدعم ونشر الوعي والتوعية بأهمية الفحص المبكر الذي سينقذ حياة المريض. 
وقامت فرح بعد التعافي بزيارة العديد من المرضى؛ لتبث الأمل في نفوسهم، مؤكدة أن المريض يحتاج إلى شخص عاش تجربته وليس إلى الطبيب فقط، مشيرة إلى أنه مع انتشار جائحة “كوفيد 19” توقفت عن زيارة مرضى السرطان، إلا أنها ما زالت تقدم دعمها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر اللقاءات الشخصية للبعض.
وعن تجربتها في تقديم الدعم أكدت فرح علي أن من خلال تعاملها مع المرضى، فإن هناك مرضى أصحاب قرار وقد يحتاج مقدم الدعم معهم إلى الشدة في التعامل وذلك لمصلحتهم، وفي حين أن هناك مرضى بحاجة إلى التعاطف.
وشددت على أن المريض لا يحتاج إلى الإيجابية السامة أو التعاطف بشكل كبير، مشيرة إلى أنه لا بد أن يكون هناك وضوح أثناء التعامل مع المريض، إذ إن الوضوح معه سيعطيه الدافع للمواصلة للتغلب على المرض، مبينة أن التعاطف والإيجابية يجب ألا يكون سامًا.
وتحدثت فرح عن تجربة لـ “الفرح كلمة” والتي كانت عبارة عن مشروع إعلامي بدأ في دولة الكويت، مشيرة إلى أن الفكرة بدأت بإقامة فعالية للتوعية في ذلك الوقت، مؤكدة أن اليوم هناك العديد من الشخصيات التي تقوم بالتوعية ونقلوا تجاربهم إلى الملأ ليكونوا قدوه للآخرين في محاربة المرض.
وأوضحت فرح أن تم إقامة فعاليات ملتقى أمل 1 و2 قبل جائحة كورونا؛ بهدف أن يكون المتعافون بالقرب مع محاربين السرطان لبث الأمل، مبينة بسبب الجائحة توقفت الفعاليات، إلا أنه ما زال هناك العديد من المتعافين الذين يقدمون الدعم للمرضى. 
وفي الختام أكدت فرح علي أن مرض السرطان هو نقطة انتقال من وإلى، كما أنه امتحان من الله وابتلاء لتطهير المريض من الذنوب، كما أنه منحة سيرى فيها المريض الكثير من التخبط وقد يتمسك بأمور تكون غير ضرورية في ذلك الوقت، إلا أنه ستنتهي بإذن الله.
ووجهت فرح رسالة إلى المحيطين بمريض السرطان، قائلة “رحلة مريض السرطان لا تنتهي بانتهاء العلاج، فالرحلة تبدأ بعد انتهاء العلاج، إذ تبدأ الرحلة الحقيقية بعد التعافي وكيفية عودة المريض للحياة وكيف يستعيد ثقته في بنفسه ويتواصل مع الآخرين؛ لذا فعليكم أن تكونوا معه في مرحلة ما بعد التعافي”.
أما المرضى، فوجهت لهم رسالة قائلة “إلى جميع المرضى الذين شخصوا بمرض السرطان وإلى من بدأ في رحلة العلاج الكيماوي وإلى من ينتظر أخذ هذه الجرعات كنت في يومًا من الأيام أستلقي على السرير الذي تستلقون عليه الآن، وقد مررت بمرحلة العلاج نفسها وبمضاعفات العلاج جميعها التي تمرون بها الآن أو التي ستمرون بها، لكنني اليوم أقف متعافية محاربة إلى المستعمرة التي غزت جسدي، ستقف كما وقفت أنا وستقدم الدعم لباقي المرضى كما أقدمه، فرحلتك لن تنتهي بعد التعافي، فكما حاربت هذه المستعمرة التي في داخلك ستحارب وستقدم الدعم لجميع المرضى”.