+A
A-

تقرير: "انتحاريو طالبان" يفتقدون لـ"القتال والمعارك"

قبل أشهر فقط كانت وحدات من طالبان تشن هجمات على مواقع وقوافل حكومية، ولكنها تقف الآن عند نقاط تفتيش لتنظيم وإدارة المدن التي فرضت سيطرتها عليها منذ منتصف أغسطس الماضي، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

ونقلت الصحيفة عن عبد الرحمن نيفيز، قائد وحدة عسكرية من 250 مقاتلا، قوله: "كل رجالي يحبون الجهاد والقتال، لذلك عندما جاءوا إلى كابل لم يشعروا بالراحة".

وأضاف نيفيز: "لم يعد هناك أي قتال هنا، يحاول الرجال التكيف مع وظيفتهم اليومية الجدية"، واصفا إياها بأنها "المهمة الدنيوية لتأمين مدينة". 

وأعرب نيفيز عن مخاوف المقاتلين "من ضياع فرصتهم في الشهادة أثناء الحرب"، قائلا لهم: "لا يزال لديكم فرصة لتكونوا شهداء، إنها مسألة وقت".

ويتمسك قادة طالبان بأن الحركة قد تغيرت عن فترة حكمها في التسعينيات، حيث قال المتحدث باسمها، ذبيح الله مجاهد، في أول مؤتمر صحافي بعد السيطرة على البلاد: "الحرب انتهت (...) (زعيم طالبان) عفا عن الجميع".

ولدى سؤاله عن أوجه الاختلاف بين حكومة طالبان التي أطاحها تدخل عسكري بقيادة الولايات المتحدة قبل عشرين عاما والحركة اليوم، قال "إذا كان السؤال يستند إلى العقيدة والمعتقدات ليس هناك اختلاف، لكن إذا كان يستند إلى الخبرة والنضج والبصيرة، فمن دون أدنى شك هناك أوجه اختلاف كثيرة".

لكن المقابلات التي رصدها التقرير مع أكثر من عشرين من قادة ومقاتلي طالبان منذ سقوط كابل تكشف عن حركة متمسكة بتطبيق القواعد القاسية، بالإضافة إلى قرارات الفصل بين الجنسين في الجامعات، وقمع التظاهرات المعارضة.

وردا على سؤال حول اتباع الحركة للعنف والترهيب في الحفاظ على النظام، يقول نيفيز: "عملنا الجديد مختلف، يوما بعد يوم يصبح الجميع أكثر خبرة".

وكانت وزارة الداخلية الأفغانية قد أعلنت في وقت سابق منع التجمهر تحت أي ظرف، وذلك مع تصاعد الاحتجاجات منذ إعلانها عن الحكومة الجديدة، الثلاثاء الماضي.

وقطعت الحكومة، 9 سبتمبر الماضي، خدمة الإنترنت عن بعض مناطق العاصمة تزامنا مع خروج مظاهرات تتحدى حظر الحركة للاحتجاجات.

وقال أحمد (19 عاما)، مقاتل في وحدة نيفيز، للصحيفة، إنه وافق على المهمة الجديدة معتبرا أن "هذه هي مسؤوليتنا الجديدة"، بينما اعترف العديد من الرجال في السر بأنهم يشعرون بالحنين إلى قراهم في ولاية وردك، حيث ينحدر نيفيز ووحدته.

كما يرتدي مقاتلو طالبان على نحو متزايد الزي الرسمي في كابل، وهي خطوة تقول قيادة الحركة إنها ستساعد في تمييزهم عن المجرمين الذين يزعمون أنهم تابعين لها. وكانت وحدة بدري 313 من أوائل وحدات طالبان التي تم تجهيزها كجيش محترف، والتي ساعدت في تأمين مطار كابل أثناء عمليات الإجلاء.

وقال سعد (رفض الكشف عن اسمه الكامل)، وهو قائد في بدري 313، إنه "تم اختيار رجال هذه الوحدة من بين طالبي الاستشهاد داخل طالبان"، مشيرا إلى وجود مخاوف أمنية تستدعي مثل هذه الشخصيات في الكتيبة العسكرية.

واعتبر سعد أن "الاستشهاديين لديهم مهارات مختلفة، تم تدريب البعض على استخدام الأحزمة الناسفة، والبعض الآخر على السيارات المفخخة أو القتل".

وشدد على أن وحدة البدري تشكلت من هذه المجموعة من العناصر لأنهم أظهروا أكبر قدر من التفاني في العمليات العسكرية لطالبان والقيم الأيديولوجية، قائلا: "نحن نعلم بالفعل أنهم مستعدون للتضحية بأنفسهم من أجل هذا البلد".

وأعرب وهو يشير إلى زيه العسكري ومعداته عن أمله في "اعتراف العالم بجيشنا الشرعي والمنظم".

وكذلك كشف خالد عبد الله (26 عاما)، عنصر في وحدة بدري، أنه عاد إلى أفغانستان وترك عمله في إحدى دول الخليج،  ليتدرب على أن يصبح مفجرا انتحاريا، إلا أن مجريات الأمور وضعته في مهام أخرى، تمثلت بتأمين مطار العاصمة.

وقال عبد الله: "لم أكن أعتقد أنني سأصبح يوما ما جنديا بوظيفة مهمة تتمثل في تأمين المطار"، لكنه اعترف بأنه أصيب بخيبة أمل في البداية عندما تم إخباره بهذه الخطوة.

وأضاف: "بصفتك انتحاريا، فأنت مؤكد تتجه نحو الاستشهاد، لكن بالطبع لا يزال هذا ممكنا، إذ أننا لا زلنا نجاهد".

"بدري" أخذت اسمها من غزوة بدر قبل 1400 عام

تحظى كتيبة "بدري 313"، المؤلفة من قوات خاصة تابعة لطالبان، بدعاية مكثفة وبهالة كبرى داخل النظام الجديد في أفغانستان، وهي مغايرة تماما لصورة الحركة التقليدية لعناصر بالعمامة يجلسون في شاحنات بيك-آب.

وأظهرت الصور التي نشرتها طالبان على شبكات التواصل الاجتماعي، الشهر الماضي، جنودا مجهزين بمعدات كاملة من سلاح حربي وخوذة وسترة واقية من الرصاص وقناع وحقيبة ظهر ونظارات للرؤية الليلية.