+A
A-

الاقتصاد.. يد طالبان "الضعيفة" في أفغانستان

بينما تسعى حركة طالبان لتأسيس هياكل حكمها في أفغانستان، بعد سيطرتها على معظم المدن بما في ذلك العاصمة كابل، فإن مراقبين مختصين من بينهم قريبون من الحركة ذاتها، يتساءلون حول الموارد التي ستتمكن بها الحركة من إدارة ملف الاقتصاد المتداعي.

أفغانستان التي تحتل المركز 173 في سلم أقوى اقتصادات العالم الذي يضم 190 دولة، يعيش بها قرابة 35 مليون نسمة، وتعتمد بشكل واسع على المساعدات الخارجية، وتعاني اقتصاديا في ظل انتشار وباء كورونا في مختلف مناطقها.

التقرير الأخير الذي أصدره البنك الدولي أكد إن الاقتصاد الأفغاني "في منتهى الهشاشة"، فهو يعتمد على المساعدات لا سيما من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أما القطاع الخاص فهو ضعيف للغاية.

وتتركز العمالة في أفغانستان في مهنة الزراعة التي يعتمد عليها 60 بالمئة من السكان ويمتهنها 44 بالمائة من العاملين في البلاد.

وكان صندوق النقد الدولي قد حذر من تأثيرات عدم الاستقرار وسيطرة حركة طالبان على مدن البلاد ومؤسساتها السيادية، مشيرا إلى أن ذلك "قد يطيح كل الإمكانات الاقتصادية المتوفرة راهنا، على قلتها".

وتوقع الصندوق أن تنهار قدرات أجهزة الدولة على تقديم خدمات تعليمية وصحية ولوجستية للسكان، خلال أقل من عام على سيطرة الحركة.

الباحث الاقتصادي الأفغاني جمالي برامدار المستشار السابق في مؤسسة مراقبة عملية إعادة إعمار أفغانستان، التي كانت تمولها دول التحالف الدولي، شرح في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" الظروف الراهنة للاقتصاد الأفغاني، قائلا: "رغم 20 سنة من الدعم الدولي، فإن مستوى العجز في ميزانية الدولة لم يقل أبدا عن الثُلث كل عام".

وأضاف برامدار: "الميزانيات التي كانت بين يدي الحكومة كان يتأتى نصفها من المساعدات الخارجية، وربعها على الأقل من تدفقات المهاجرين وما يرسلونه لذويهم. كل ذلك مهدد بالانهيار بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان".

ويضيف الخبير الاقتصادي: "نتخوف راهنا من تأثيرات إخراج قرابة مليون عامل وموظف من مؤسسات الدولة كما تتوعد طالبان، خصوصا أن نحو نصفهم أعضاء في الجيش والأجهزة الأمنية والشرطة. هؤلاء سينضمون إلى ملايين العاطلين الآخرين عن العمل، كما أن القطاع الزراعي لم يعد قادرا على استيعاب المزيد من العاملين بسبب التراجع الهائل في كميات المياه في البلاد".

ويتخوف مراقبون من إجراءين قد تتخذهما حركة طالبان في القطاع الاقتصادي لتغطية وضعها الهش، فمن جهة قد تخفض مستوى الخدمات التي تقدمها للمجتمع إلى نسب متدنية للغاية، بالذات في مجالات التعليم والصحة والثقافة والبنية التحتية، وهو ما قد يخلق عجزا وتراجعا هائلا في التنمية المستقبلية في البلاد.

أما الإجراء الثاني فهو زيادة متوقعة في مستويات زراعة الحشيش بالمناطق الشمالية من البلاد، حيث تعتبرها طالبان مصدرا مضمونا للأموال لتغطية حاجاتها الذاتية، بالذات رواتب ومعيشة قرابة مائة ألف عضو فاعل في الحركة، وهو أمر قد يؤثر على تجارة المواد المخدرة حول العالم.

وكانت الولايات المتحدة، ومعها باقي دول الناتو، تدفع معونات اقتصادية للحكومة الأفغانية بمعدلات تقدر بحوالي 15 مليار دولار سنويا، تشكل المصدر الرئيسي للاقتصاد الأفغاني.

لكن تلك الدول تطلب مجموعة من الالتزامات السياسية والسلوكية من حركة طالبان، حتى تتمكن من الحصول على جزء من هذه المعونات، وهو أمر تشكك به مختلف الجهات المراقبة للمشهد الأفغاني.

الأمر نفسه ينطبق على الوكالات الدولية للتنمية في مختلف القطاعات، حيث ترهن بقاءها واستمرار دعمها لحركة طالبان بحزم من المطالب السياسية والأمنية والسلوكية من الحركة، وهو ما سوف ينكشف خلال الأسابيع القليلة المقبلة.