قدم فيروس كورونا دروساً للبشرية، في بخس الحياة الدنيا، وقصرها وتفاهتها، ومحدودية قيمتها والبقاء فيها، قصتها المستمرة الموت المفاجئ والمباغت لمن كانوا شركاء الأمس وأصدقاءه، وأقرباءه وأحبابه.
نبه الفيروس قاطعي صلة الأرحام، بالواجبات التي نسوها وأهملوها، وركنوها على جنب، لكنها - في المقابل - من تحدد مسارات العالم الآخر، أين سيكون مصيرهم؟ ومع من؟ وكيف؟ وإلى أين هم ذاهبون؟
سكب الفيروس العنيد ماء باردا على رؤوس العاقين لوالديهم، ولمن يهجرون المساجد، ويعيثون في الأرض فساداً، ويخنقون الناس ببذاءة سلوكياتهم وأفعالهم، وبأخذ ما ليس لهم، بأن الرحيل على غفلة واقع ممكن، والشواهد بذلك كثيرة وقريبة.
نبه الفيروس سراق أموال الناس، بأن الحياة الفانية هذه مجرد محطة عابرة، وعاجلة، وبأن هناك حسابا لكل شاردة وواردة، وبأن العمل الصالح هو الباقي، والأبدي، شاء من شاء، وأبى من أبى.
كما ذكر كورونا أصحاب الأموال والأطيان والثروات والكنوز المخبأة، بأنها إرث لمن بعدهم، والذين قد لا يذكرونهم بعد الرحيل حتى “بدعوة”.
لم يغفل كورونا عن تذكير المسؤولين الذين يخنقون صغار الموظفين وفاقدي الحيلة منهم، بأبسط الطلبات وأصغرها، بأن دوركم آت، مثلكم مثل غيركم، وأن هناك حسابا وانتقاما، لا يمكن للعقل البشري أن يفهمه.
“يا عبادي اني احرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا”، حديث عظيم، يوجز الكثير والكثير، ولكن أكثرهم غافلون، ومتمنعون.
كورونا هو ضيف ثقيل كغيره، وسيرحل يوما ما، لكن التساؤل الحقيقي هو في العبر والقيم والمبادئ التي سيخرج بها الناس من كل ما حصل، ودمتم بخير.