+A
A-

الحاج حسن العالي يبدأ أعماله من الصفر مستشعرًا وجع الفقراء

أسس‭ ‬المرحوم‭ ‬الحاج‭ ‬حسن‭ ‬العالي،‭ ‬كيانه‭ ‬التجاري‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬مصنع‭ ‬صغير‭ ‬لتكسير‭ ‬الحجارة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1952،‭ ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬البناء‭ ‬والتوسع‭ ‬لامتلاك‭ ‬آلة‭ ‬بلوك‭ ‬يدوية‭ ‬تنتج‭ ‬كتلة‭ ‬واحدة‭.‬

بدأ‭ ‬المرحوم‭ ‬قصة‭ ‬نجاحه‭ ‬من‭ ‬الصفر،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬منذ‭ ‬سن‭ ‬التاسعة‭ ‬في‭ ‬الزراعة‭ ‬وصناعة‭ ‬الفخار،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬سائق‭ ‬شاحنة‭ ‬ويبني‭ ‬شيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬بإرادة‭ ‬ومثابرة‭ ‬مجموعة‭ ‬شركات‭ ‬ومصانع‭ ‬ناجحة‭ ‬لها‭ ‬بصماتها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬البحرين‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬تقدم‭ ‬خدماتها‭ ‬ومنتجاتها‭ ‬لجميع‭ ‬القطاعات‭.‬

وكونه‭ ‬ابن‭ ‬مزارع‭ ‬فقير،‭ ‬بدأ‭ ‬ببدايات‭ ‬متواضعة،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬الابن‭ ‬الأكبر،‭ ‬وذلك‭ ‬ببيع‭ ‬الخضار‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬التاسعة،‭ ‬ثم‭ ‬أضاف‭ ‬لها‭ ‬الأسماك،‭ ‬ثم‭ ‬مادة‭ ‬“النورة”‭ ‬وهي‭ ‬الأسمنت‭ ‬المصنوع‭ ‬من‭ ‬الحجر‭ ‬الجيري‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يرى‭ ‬فيها‭ ‬فرصة‭ ‬لزيادة‭ ‬التجارة‭ ‬والربح‭ ‬كان‭ ‬يقتنصها،‭ ‬فأخذ‭ ‬يتنقل‭ ‬ببضاعته‭ ‬على‭ ‬ظهور‭ ‬الحمير،‭ ‬وأتاح‭ ‬له‭ ‬عمله‭ ‬الشاق‭ ‬دعم‭ ‬احتياجات‭ ‬أسرته‭. ‬

بعد‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة،‭ ‬بدأ‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬التوسع،‭ ‬فانتقل‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬حمار‭ ‬واحد‭ ‬إلى‭ ‬4‭ ‬ومن‭ ‬العمل‭ ‬بمفرده‭ ‬إلى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بمساعد‭. ‬حتى‭ ‬اذا‭ ‬بلغ‭ ‬الحاج‭ ‬حسن‭ ‬سن‭ ‬الخامسة‭ ‬والعشرين،‭ ‬أصبح‭ ‬لديه‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬لشراء‭ ‬أرض‭ ‬وإنشاء‭ ‬متجر‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬اللولو‭. ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬باستبدال‭ ‬الحمير‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬شاحنة‭ ‬لتوسيع‭ ‬أعماله‭ ‬في‭ ‬“النورة”‭. ‬ذهب‭ ‬المرحوم‭ ‬برحلة‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬لشراء‭ ‬آلة‭ ‬تصنيع‭ ‬الطابوق‭ ‬وقد‭ ‬غيّرت‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬رؤيته‭. ‬فقد‭ ‬التقى‭ ‬برجل‭ ‬يدعى‭ ‬إدريس‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائرة‭ ‬وطلب‭ ‬الأخير‭ ‬توظيفه‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭. ‬طلب‭ ‬إدريس‭ ‬راتبًا‭ ‬مرتفعًا‭ ‬فرد‭ ‬الحاج‭ ‬حسن‭ ‬مازحًا‭ ‬بأنه‭ ‬سيكون‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للدفع‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬المقبلة‭ ‬إذا‭ ‬رأه‭. ‬عاد‭ ‬الحاج‭ ‬حسن‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬ليصمم‭ ‬الآلة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬اشتراها‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬وبعد‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬ظهر‭ ‬لديه‭ ‬إدريس،‭ ‬فوظفه‭ ‬الحاج‭ ‬حسن‭ ‬معه‭. ‬لم‭ ‬يهدر‭ ‬إدريس‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬وعلم‭ ‬الحاج‭ ‬حسن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يعرفه‭ ‬وغادر‭ ‬كلاهما‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬من‭ ‬روما‭ ‬إلى‭ ‬ميلانو‭ ‬إلى‭ ‬بلجيكا‭ ‬إلى‭ ‬السويد‭ ‬وألمانيا‭ ‬ولندن،‭ ‬كان‭ ‬الحاج‭ ‬حسن‭ ‬غارقًا‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والآليات‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬شركات‭ ‬البناء‭ ‬الأوروبية‭. ‬خاطر‭ ‬الحاج‭ ‬حسن‭ ‬واشترى‭ ‬آلة‭ ‬ألمانية‭ ‬أنتجت‭ ‬4000‭ ‬قطعة‭ ‬في‭ ‬8‭ ‬ساعات‭. ‬

تمتع‭ ‬الحاج‭ ‬حسن‭ ‬بحوالي‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الانفراد‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬المنافسون‭ ‬السوق؛‭ ‬لكنهم‭ ‬لم‭ ‬يشكلوا‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬له‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬متقدمًا‭ ‬عليهم‭ ‬جميعًا‭ ‬واستمر‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬كل‭ ‬يوم‭. ‬وهكذا‭ ‬بدأت‭ ‬المراحل‭ ‬الأولية‭ ‬وتأسيس‭ ‬شركة‭ ‬كبرى‭ ‬تدعى‭ ‬مجموعة‭ ‬حاج‭ ‬حسن‭ (‬HHG‭) ‬خطوة‭ ‬بخطوة‭. ‬تنتشر‭ ‬المشروعات‭ ‬والمنتجات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬مجموعته‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬والأسواق،‭ ‬وتشمل‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للطرق‭ ‬والجسور‭ ‬والجسور‭ ‬العلوية‭ ‬وممرات‭ ‬المطارات‭ ‬والتطوير‭ ‬العقاري‭ ‬ومصنعي‭ ‬مواد‭ ‬البناء‭ ‬والخرسانة‭ ‬الجاهزة‭.‬

توفي‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2003‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬ناهز‭ ‬82‭ ‬عامًا،‭ ‬بعد‭ ‬مسيرة‭ ‬حافلة‭ ‬ملأها‭ ‬بالعطاء‭ ‬والبذل،‭ ‬حيث‭ ‬عرف‭ ‬بحبه‭ ‬لأعمال‭ ‬الخير‭ ‬والتبرع‭ ‬للأعمال‭ ‬الخيرية‭ ‬وكان‭ ‬محبوبًا‭ ‬بين‭ ‬مجتمع‭ ‬الأعمال‭ ‬وبين‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬ليواصل‭ ‬أبناؤه‭ ‬المسيرة‭ ‬التي‭ ‬بدأها‭ ‬بصبر‭ ‬وعزيمة‭.‬