+A
A-

ما سر هوس الناس بـ"بيتكوين"؟ .. الخبراء يفسرون

في أوائل يناير، عادت حمى "بيتكوين" بمجرد وصول العملة الرقمية الأكثر انتشاراً إلى مستوى مرتفع جديد، حيث بلغ سعرها ما يقرب من 42000 دولار.

وبغض النظر عن تقلباتها المخيفة، إذ حتى صباح اليوم الأحد حام سعر العملة المشفرة المعروفة بالتذبذبات السريعة فوق 32000 دولار فقط وفقاً لأرقام CoinDesk، أخذت توقعات المؤسسات المالية الرئيسية حيال "بيتكوين" في التحسن، حيث قال "جي بي مورغان" في مذكرة نشرت في يناير إنه على المدى الطويل، إذا ارتفعت القيمة السوقية لـ"بيتكوين" بما يكفي لتنافس الذهب، قد يصل سعرها إلى 146 ألف دولار.

لكن "بيتكوين" لم تعد مجرد عملة مشفرة، بل تحولت إلى هاجس للكثيرين. وفيما يلي بعض الأسباب السلوكية والنفسية لذلك:

 

"بيتكوين" كجزء من الهوية

وقال الملياردير مارك كوبان لمجلة "فوربس" في ديسمبر الماضي، إن بيتكوين "معتقد" أكثر من كونها حلاً لأي مشكلة.

في الواقع، لعشاق "بيتكوين" مصطلحاتهم الخاصة المليئة بالمختصرات والعبارات من HODL) hold on for dear life) والتي تستخدم عندما يصبح سعر "بيتكوين" شديد التقلب، إلى عبارة Whale (الحوت) أي الشخص الذي يملك عدداً كبيراً من وحدات العملة المشفرة.

في وقت كانت مؤتمرات "بيتكوين" (ما قبل وباء كورونا) تجذب الآلاف من الحضور، حتى أن عشاقها لديهم سيارة مفضلة للشراء بعملتهم المشفرة الخاصة وهي Lambo (المعروف أيضاً باسم لامبورغيني).

ويقول فين بريتون، أستاذ العلوم والتكنولوجيا بجامعة كاليفورنيا ديفيز ومؤلف كتاب "النقد الرقمي: التاريخ المجهول للأناركيين والطوباويين والتقنيين الذين ابتكروا العملة المشفرة": "الثقافة حول بيتكوين هي جزء من الجاذبية".

ويوضح بريتون: "عندما تشتري عملة بيتكوين، فأنت في الواقع تشتري ضمن مشهد كامل.. إنه مشهد يمكن أن يكون جزءاً من هويتك"، بحسب ما نقلته عنه "CNBC" واطلعت عليه "العربية.نت".

على الرغم من أن "بيتكوين" تحظى باهتمام أكبر من بعض المستثمرين الجادين والمؤسسات المالية السائدة، إلا أنها "لا تزال مفهوماً تخريبياً" إلى حد ما، لذلك يمكن للأشخاص الذين يستثمرون فيها أن ينظروا إلى أنفسهم على أنهم متطرفون أو يشاركون في الثقافة المضادة"، كما يقول بريتون.

 

دور وسائل التواصل الاجتماعي

من المشاهير الذين يستثمرون في "بيتكوين"، إلى مجتمع "بيتكوين" شديد التفاعل على Twitter و TikTok و Reddit، تغذي وسائل التواصل الاجتماعي شعبية العملة الرقمية بشدة.

تقول لانا شوارتز، الأستاذة المساعدة للدراسات الإعلامية في جامعة فيرجينيا ومؤلفة كتاب "“New Money: How Payment Became Social Media": "فجأة، أصبحت هنالك طريقة جديدة لرؤية المجال المالي وامتلاك هوية لنفسك كعنصر فاعل فيه".

يمكن لهذه المنصات الاجتماعية أيضاً أن تقود السلوكيات، وفقاً لأوتبال دولاكيا أستاذ التسويق في جامعة Rice، الذي يدرس اتخاذ القرارات المالية الاستهلاكية. وقد أظهرت الأبحاث أنه عندما يتحدث الناس عن استثماراتهم في البيئات الاجتماعية عبر الإنترنت، فإنهم يميلون إلى البحث عن المخاطر بشكل أكبر في أنواع الاستثمارات التي يقومون بها.

يقول دولاكيا: "نفس الديناميكية تنطبق على الكثير من قرارات الاستثمار التي يتم اتخاذها الآن".

 

البحث عن الإثارة

شبّه العديد من المستثمرين كـ Kevin O’Leary و Jim Cramer، شراء "بيتكوين" بالذهاب إلى لاس فيغاس. وكان الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة Berkshire Hathaway وارين بافيت من أشد منتقدي "بيتكوين" منذ فترة طويلة، حيث قال إن "العملات المشفرة ليس لها قيمة في الأساس" وهي "أداة قمار".

وكما هو الحال مع القمار، "يستمتع بعض الناس بالتأكيد بهذه الإثارة"، كما يقول دولاكيا.

أما توم ميفيس، أستاذ التسويق في كلية Leonard N. Stern للأعمال بجامعة نيويورك، فيرى أن التحقق من أسعار الأسهم بانتظام "نشاط قد يصبح مملاً".

يضيف: "مع شيء مثل بيتكوين، يصبح الأمر مثيراً لأن هناك شيئًا ما يحدث باستمرار.. يمكنك التحقق من ذلك 10 مرات في اليوم ويمكن أن يختلف السعر بشكل كبير".

تشير شوارتز إلى أن العديد من الشبان على وجه الخصوص، الذين نشأوا مع ألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي، محكومون بالرغبة في الحصول على إشباع فوري ودورات سريعة الخطى، مضيفة أن الانجذاب إلى الاستثمارات عالية المخاطر والمكافآت مثل بيتكوين "أمر منطقي تماماً".

 

الخشية من ضياع الفرصة

يسعد الناس باحتمالية إدخال تقنية جديدة قد تغير حياتهم، ومع توقع ثيران "بيتكوين" أن سعر العملة المشفرة قد يرتفع إلى 200 ألف دولار على مدى العقد المقبل، ومع دخول الأعمال المالية السائدة من "باي بال" إلى "سكوير" عالم "بيتكوين"، من الصعب ألا تخشى ضياع الفرصة.

أضف إلى ذلك القصص المنتشرة عن الأشخاص الذين حققوا نجاحاً من خلال "بيتكوين"، مع المكاسب غير المتوقعة المثيرة للحسد لمليونيرات "بيتكوين"، وقصص مثل "عائلة بيتكوين"، وهي عائلة هولندية مكونة من خمسة أفراد قاموا بتصفية أصولهم في عام 2017 مقابل شراء "بيتكوين" (عندما كان سعرها يبلغ 900 دولار)، فقرروا السفر حول العالم.

يقول ميفيس: "يركز الناس أكثر على الجانب الإيجابي.. لذلك من السهل الانغماس في الاحتمالات التي يمكن أن تأتي من بيتكوين".

 

الأمل

تقول شوارتز: "المال هو تقنية تسمح لنا بتخيل المستقبل".

أما بريتون فيشرح الإثارة تجاه عملات "بيتكوين"، خاصة بين الشباب، بكون الناس "محرومين من القدرة على امتلاك نوع من الأصول التي تسمح لهم بتوليد أي شكل من أشكال الثروة".

يذكر أن جيل الألفية، الذين ولدوا بين عامي 1981 و1996، سيطروا على 4.6% فقط من الثروة في الولايات المتحدة خلال النصف الأول من عام 2020، وفقاً لبيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

"عندما ننظر إلى الحمى التي تم توليدها حول بيتكوين، نحتاج حقاً إلى رؤيتها جزئياً كدليل على حقيقة أن هذا يحدث لأنه لا توجد آليات موثوقة وغير مضاربية تمكن الأشخاص الذين ليس لديهم بالفعل إمكانية الوصول إلى قطعة من الثروة من إنتاج هذه الثروة بمرور الوقت، بحسب توضيح بريتون الذي اعتبر أن "هذه لائحة اتهام حقيقية للطريقة التي يتم بها إعداد الأشياء حالياً للشباب".