مضى خليفة والدنيا تشيم به
في رثاء المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه)
بيني وبين المنى بُعدُ المواعيدِ
وأبعد البعد أحلام المواليدِ
فكم تساءلت والأحلام شاخصة
هل يدرك المرء أطراف الجلاميدِ
يارُبَّ ليلٍ بعيد الصبح قربني
من مشرقيه شعاعٌ غير موعودِ
ورُبَّ قلبٍ كليل خلف داجيةٍ
يستحضر الشعر من ماء العناقيد ِ
ورُبَّ حلم كما الأقدار تطرقني
آفاقه السود في نفي وتوكيدِ
أبا عليٍ لكم في القلب منزلةٌ
فلا أقول مقالاً غير محمودِ
لكم على منطقي ألفٌ محجلةٌ
أضحت يرددها سلطان مودودِ
فكم تناهي بفيضٍ من محبتكم
عند التناهي سليمان بن داوود
ما راق عينيه إلا النجم سابحةٌ
بين الشعاعين في همٍ وتسهيدِ
كأنما الحلم شرٌ قد تأبطه
وانسل يرمي بسهم غير معهودِ
فقعقع الخطبُ في الدنيا حوافرَه
واستصرخ الموتُ فينا كل صنديدِ
في ظلمة الليل...في أقصى غياهبه
يستلُّ روح المعالي والمحاميدِ
من كل حدب بطون الأرض قد مُلئتْ
فكيف شقّتْ حشاها للأماجيدِ
وكيف عضّتْ رياح الدهر فارسَها
وأولع الخطب بالفرسان والصيدِ
يا بؤسَ للموت...هل في الأرض مضطربٌ
والدهر يضرب جلموداً بجلمودِ
عجبتُ للقبر تعلو الليثَ تربتُهُ
هل يحتفي بالمعالي والأماجيدِ
أبا علي وما للموت معذرة
وما المنايا سوى غدر المجاحيدِ
سافرتَ كالطيف والدنيا تشيمُ بكم
سافرتَ والحزنُ في أثوابه السودِ
مغيّبٌ في الثرى والطير تحرسكم
بين الرفاعين موفور المراقيدِ
أقول للركب... لا تستعجلوا جَدَثًا
نحو السحائب موعودًا للموعودِ
فكل ثكلى... وبالأحشاء زفرُتها
ألقت إليها الرزايا بالمقاليدِ
مغرورقات المآقي حول تربته
والدمع عون على أحزانها السودِ
لولا سقته شآبيبٌ وأفئدةٌ
لكنتُ أرخصتُ ماءَ القلب والجيدِ
إن أوحش الليلُ أو ألقى كلاكلهُ
تقاطر الدمعُ من أجفان مكدودِ
قد ضمه القبرُ والآهاتُ تتبعه
لواعجًا من ذويه الغّرِ والصيدِ
يستخلف القوم في ممشاهُمُ جَدَثاً
خلف الرُّبى صاحبًا للبأسِ والجودِ
تأبى التعزّي بلادي وهي ثاكلةٌ
فراحلُ الدار تيجانُ الصناديدِ
وراحل الدار والجُلَّى مناقبهُ
شواهد... بين تشييد وتوطيدِ
فللمليكِ عزاءٌ ملؤُهُ سكنٌ
كالدمع بالعين لا يحُصى بتعديدِ
أحفادُهُ وبنوهُ الصادقون أسىً
وليس حزن أخي صدق بمردودِ
وللبلاد عزاءُ الأكرمين إذا
يحدو بهم موكبُ السارين في البيدِ
فالدمع قد بات في عينٍ مؤَّرقةٍ
والقلب يحدو حُداء الضُّمرِ القودِ
والحزن في الناس شيٌ لست أملكه
من يملك الدمع سيلا غير معهودِ
هذي المنون... وقد عضَّتْ فوراسَنَا
وأقعدتنا على نأيٍ وتبعيدِ
يا فارسًا قد مضى والأرضُ تحرسُهُ
كحارسِ البحرِ معقودًا لمعقودِ
حسبي وحسُبكُمُ أخلاقهُ نبتت
بين القلوب كسقي الماء للعودِ
لقد قضى الله أمرًا لا مردَّ له
وقولةُ الحقّ أمرٌ غير مردود
شعر: محمد حسن كمال الدين