+A
A-

“تَبقَى خَلِيفَةُ فِي وِجدَانِنَـا أَبَدَاً”

قصيدة‭ ‬في‭ ‬رثاء‭ ‬فقيد‭ ‬البحرين‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ (‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭)‬

الصّـدرُ‭ ‬مُنقَبـِضٌ‭ ‬مُـذ‭ ‬جَـاءَني‭ ‬الخَــبَرُ

وَالقَلـبُ‭ ‬بَـين‭ ‬حَنايـا‭ ‬الصَّـدرِ‭ ‬يَعتَـصـِرُ

قَـد‭ ‬هَدَّنِي‭ ‬الحُـزنُ‭ ‬مِن‭ ‬خَطبٍ‭ ‬أَلَـمَّ‭ ‬وَلَو

أَصَابَ‭ ‬صَخـرًا‭ ‬رَأيتَ‭ ‬الصَّخرَ‭ ‬يَنفَطِـرُ

قَالُـوا‭ ‬مَضَى‭ ‬مَـن‭ ‬أَنِسنَا‭ ‬نَحـنُ‭ ‬طلعَـتَـهُ

وَمَـن‭ ‬بِـهِ‭ ‬ظَـلّـَت‭ ‬البَحـرَينُ‭ ‬تَفتـَخِــرُ

مَـضَى‭ ‬خَلِيفَـةُ‭ ‬يَا‭ ‬لِلهَــولِ‭ ‬مِـن‭ ‬خَــبرٍ

فَكَـم‭ ‬تَمَنَّـيتُ‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يَصـدُقَ‭ ‬الخَــبَرُ

قَـد‭ ‬مَاتَ‭ ‬مِـن‭ ‬كَانَـت‭ ‬البَحـرَينُ‭ ‬تَعشَقُـهُ

فَكُـلُّ‭ ‬مَن‭ ‬عَـاشَ‭ ‬فِيها‭ ‬بِالأسَى‭ ‬شَعَـرُوا

فَكـم‭ ‬دَعَـونا‭ ‬لِـرَبِّ‭ ‬العَـرشِ‭ ‬يَحفَظَـكُـم

وَكَـم‭ ‬نَـذَرنَا‭ ‬فَلـم‭ ‬تَشفَـعْ‭ ‬لَنَـا‭ ‬النُّــذُرُ

فَقَـد‭ ‬قَضَى‭ ‬اللهُ‭ ‬أن‭ ‬لِلخُـلدِ‭ ‬يَــرفَعَـكُــم

فَــنِـعـمَ‭ ‬بِاللهِ‭ ‬مَـن‭ ‬بِالأمــرِ‭ ‬مُـقـتـَدِرُ

مَشِيـئَـةُ‭ ‬اللهِ‭ ‬شَاءَت‭ ‬أن‭ ‬تُـفَــارِقَنَــا

وَأَن‭ ‬بِـمِسكِ‭ ‬خِـتَـامٍ‭ ‬يَنتَهـِي‭ ‬العُمُــرُ

هَــذا‭ ‬قَضَـاءٌ‭ ‬وَعِـنـدَ‭ ‬اللهِ‭ ‬حِـكـمَـتُـهُ

وَلا‭ ‬يَــرُدُّ‭ ‬قَـضـاءَ‭ ‬الخَـالِـقِ‭ ‬البَـشَـرُ

بَكتـكَ‭ ‬بَحرَينُ‭ ‬يَا‭ ‬مَن‭ ‬كُنـتَ‭ ‬وَالِــدَهَــا

بَكَى‭ ‬التُّرَابَ‭ ‬وَنَاحَ‭ ‬الطَـيرُ‭ ‬والشَّجَـرُ

قَـد‭ ‬اكـتـَـسَت‭ ‬حِـلَـلاً‭ ‬سَـودَاءَ‭ ‬جَـلَّلَهـَـا

حُزنٌ‭ ‬عَظِيمٌ‭ ‬وَحَاكَى‭ ‬حُزنَهـا‭ ‬القَـمَـرُ

مِن‭ ‬هَولِ‭ ‬فَقدِكَ‭ ‬ذُبنَا‭ ‬مِن‭ ‬جَـوَىً‭ ‬وَأسىً

مَن‭ ‬يَفـقِـدُوا‭ ‬وَالِـدَاً‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬أَتَـوا‭ ‬عُـذِرُوا

وَلَـيسَ‭ ‬نَمـلِكُ‭ ‬إلَّا‭ ‬الصَّــبرَ‭ ‬في‭ ‬جَــلَدٍ

‭ ‬وَاللهُ‭ ‬يَجزِي‭ ‬عِبَادًا‭ ‬في‭ ‬الأسَى‭ ‬صَبَرُوا

يَحُـزُّ‭ ‬في‭ ‬النَّفسِ‭ ‬أَن‭ ‬تَمضِي‭ ‬وَتَـتـرُكَنا

‭ ‬أَبَعـدَ‭ ‬أن‭ ‬قَـد‭ ‬عَهِـدنَـا‭ ‬الـبَـدرَ‭ ‬يَـستَـتِـرُ؟

قَـد‭ ‬حَارَ‭ ‬فِكـرِي،‭ ‬لِسَانِي‭ ‬ظَـلَّ‭ ‬مُنعقِـدًا

مَاذا‭ ‬أَقُــولُ‭ ‬وَقَــد‭ ‬خَانَـتـنِيَ‭ ‬الـفِـكَـرُ

قَـد‭ ‬كُنتُ‭ ‬أكتُبُ‭ ‬فِيـكَ‭ ‬الشِّعـرَ‭ ‬مُفـتَخِــرًا

وَطَـيَّبَ‭ ‬الشِّعـرَ‭ ‬دَومًا‭ ‬ذِكـرُكَ‭ ‬العَطِـرُ

مَـا‭ ‬بِـتُّ‭ ‬أَقـدَرُ‭ ‬أن‭ ‬أرثِيـكَ‭ ‬مِـن‭ ‬أَلَـمِـي

عَصـَى‭ ‬اليَـرَاعُ‭ ‬وَظَـلَّ‭ ‬الحِبرُ‭ ‬يَعـتَـذِرُ

فكـيـفَ‭ ‬أرثِيـكَ‭ ‬يا‭ ‬مِـن‭ ‬كُـنتَ‭ ‬تُلهِـمُـنِي

أن‭ ‬أكـتُبَ‭ ‬الشِّعـرَ‭ ‬مِدحًا‭ ‬اِنَّ‭ ‬ذَا‭ ‬عَسِرُ

يَا‭ ‬نَاعِيَ‭ ‬البَـينِ‭ ‬قَـد‭ ‬أَدمَـيتَ‭ ‬مُهجَـتَـنـا

هَـلَّا‭ ‬تَمَهَّـلـتَ‭ ‬حِـينًَا‭ ‬أَيُّـهَـا‭ ‬الـقَــدَرُ

حَـرَمـتَـنَـا‭ ‬وَالِـدًا‭ ‬كِـنَّــا‭ ‬نُبَـجِّـلُـهُ

مَا‭ ‬كَانَ‭ ‬يُغـنِي‭ ‬فِـرَارٌ‭ ‬مِنَــكَ‭ ‬أو‭ ‬حَـذَرُ

فَكَيـفَ‭ ‬نَـنسَاكَ‭ ‬أو‭ ‬نَـنسَى‭ ‬فَـضـائِلَـكُـم

حُـبٌّ‭ ‬لَكُـم‭ ‬في‭ ‬الحَـنَايَا‭ ‬لَـيسَ‭ ‬يَنجَـذِرُ

عِـنْـدَ‭ ‬الشَّـدَائِـدِ‭ ‬والضَّـرَّاءِ‭ ‬نَـذكُــرُهُ

وَمِنهُ‭ ‬كَشـفَ‭ ‬شَدِيـدِ‭ ‬الأَمـرِ‭ ‬نَنـتَظِـرُ

حُـبُّ‭ ‬البِـلادِ‭ ‬شِعَـارًا‭ ‬كُـنـتَ‭ ‬تَـرفَعُــهُ

وَلِلـمُــوَاطِنِ‭ ‬دَومَـاً‭ ‬كُنـتَ‭ ‬تَنتَـصِـرُ

فَـنُّ‭ ‬التَّـفَــانِيَ‭ ‬في‭ ‬الأجـيـالِ‭ ‬تَـنـشُرُهُ

مِنَـكَ‭ ‬التَّفـَاؤُلُ‭ ‬بَـينَ‭ ‬النَّـاسِ‭ ‬يَـنـتَـشِرُ

مَا‭ ‬كَـانَ‭ ‬هَـمُّـكَ‭ ‬إِلَّا‭ ‬عِــزُّ‭ ‬شَعـبـِكَ‭ ‬إذ

لِمِثـلِ‭ ‬قَلـبِـكَ‭ ‬هَــذا‭ ‬اليـومَ‭ ‬نَـفـتَــقِــرُ

بَحرَينُ‭ ‬في‭ ‬قَـلـبِـكُـم‭ ‬إذ‭ ‬كَانَ‭ ‬يُـؤلِـمُـكُـم

لَـو‭ ‬شَابَهـا‭ ‬كَـدَرٌ‭ ‬أو‭ ‬مسَّهــا‭ ‬خَــطَــرُ‭ ‬

كُـنـتُـم‭ ‬خَلِـيفَـةُ‭ ‬نِـبرَاسًا‭ ‬لِنَهـضَـتـِنَـا

فَهَلْ‭ ‬لِشَمسِ‭ ‬الضُّحَى‭ ‬أَن‭ ‬يُنكِرَ‭ ‬البَصـَرُ؟

عُنـوَانُ‭ ‬كُـلِّ‭ ‬نَجَـاحٍ‭ ‬كَـانَ‭ ‬بَصمَـتَـكُـم

وَكُــلُّ‭ ‬جُهـدٍ‭ ‬بَذَلــتُـم‭ ‬نَالَـهُ‭ ‬الـظَّـفَــرُ‭ ‬

مِن‭ ‬ثَاقِـبِ‭ ‬الفِكـرِ‭ ‬أوتَـارًا‭ ‬صَنعْـتَ‭ ‬لَنَــا

‭ ‬بِهـا‭ ‬تَسَلَّحَـتِ‭ ‬الأقـوَاسُ‭ ‬وَالأطُــرُ‭ ‬

فـمَـا‭ ‬لِـرَامٍ‭ ‬نَـجَـاحٌ‭ ‬فِـي‭ ‬رِمَايَـتِـهِ

إن‭ ‬لَم‭ ‬يَكُـنْ‭ ‬مِـنـكَ‭ ‬في‭ ‬قَـوسٍ‭ ‬لَـهُ‭ ‬وَتَــرُ

كُنتَ‭ ‬الحَـريصَ‭ ‬على‭ ‬تُـوحِـيدِ‭ ‬كِلمَتِـنَـا

مَا‭ ‬كُنـتَ‭ ‬جُهـدًا‭ ‬بِـهَذا‭ ‬الأَمـرِ‭ ‬تَـدَّخِـرُ‭ ‬

وَقَـد‭ ‬غَـدَوتَ‭ ‬بِـلَـمِّ‭ ‬الشَّمــلِ‭ ‬مُلتـَــزِمًا

لَم‭ ‬يثـنِكُم‭ ‬مَرضٌ‭ ‬عَـن‭ ‬ذَاكَ‭ ‬أو‭ ‬ضَـرَرُ

إنَّا‭ ‬فَـقَـدناكَ‭ ‬يَا‭ ‬مَن‭ ‬كُنـتَ‭ ‬قُـدوَتَـنـا

فَـمِـن‭ ‬فِعَـالِكَ‭ ‬كَانَـت‭ ‬تُـؤخَـذُ‭ ‬العِـبَـرُ

أَدَّيـتَ‭ ‬وَاجِـبَكُـم‭ ‬لا‭ ‬نَقـصُ‭ ‬لَا‭ ‬خَـلَـلٌ

‭ ‬مَا‭ ‬كَـنتَ‭ ‬غَـيرَ‭ ‬رِضَا‭ ‬الجَـبَّـارِ‭ ‬تَنتَـظِـرُ

لازَمـتَ‭ ‬بَحرَينَنا‭ ‬في‭ ‬دربِهـا‭ ‬زَمـنًَا

‭ ‬بَـل‭ ‬لَازَمتكَ‭ ‬كِصِنـوَانٍ‭ ‬لِمَـن‭ ‬نَظَـرُوا

فَـما‭ ‬افترَقـتَـا‭ ‬وَكُنـتُـم‭ ‬حَارِسًا‭ ‬يَقِـظَــًا

طُولَ‭ ‬الطَّرِيقِ‭ ‬فَأنتَ‭ ‬السَّمعُ‭ ‬والنَّـظَـرُ

اِنَّـا‭ ‬فَـقــدَنـا‭ ‬جَـوَادًا‭ ‬مَـا‭ ‬لَــهُ‭ ‬مَـثَـلٌ

فَـمـا‭ ‬رَأَيـنَـاهُ‭ ‬عَــن‭ ‬إحسَانِ‭ ‬يَعــتَـذِرُ

إنَّـا‭ ‬فَقَــدنَا‭ ‬نَـبِـيـلًا‭ ‬ليـسَ‭ ‬يَصـرِفُــهُ

عَنِ‭ ‬التَّـكَــرُّمِ‭ ‬أَشغَـالٌ‭ ‬وَلا‭ ‬كَـــدَرُ

إنَّا‭ ‬فَـقَــدنَا‭ ‬وَفِـيًّـا‭ ‬صَادِقًا‭ ‬وَرِعًا

‭ ‬فِيهِ‭ ‬المُـرُوءَةُ‭ ‬وَالإْيـثَـارُ‭ ‬تُختَـصَــرُ

إنَّـا‭ ‬فَـقَــدنَـا‭ ‬حَلِـيـمَـًا‭ ‬قَــولــهُ‭ ‬حِـكَــمٌ

‭ ‬مِـن‭ ‬قَــولِهِ‭ ‬كَـم‭ ‬حَكِــيمٍ‭ ‬صَـارَ‭ ‬يَعتَــبِرُ

تَبــقَى‭ ‬خَلِيـفَــةُ‭ ‬فِي‭ ‬وِجـدَانِـنَـا‭ ‬أَبَــدًا

‭ ‬رَمزًا‭ ‬لِأسمَى‭ ‬مَعَـانٍ‭ ‬في‭ ‬الوَفَـا‭ ‬سُطِرُوا

يَجـزِيـكَ‭ ‬رَبُّـكَ‭ ‬في‭ ‬العَليَــاءِ‭ ‬مَــنزْلَـةً

‭ ‬يَغبِـطْــكَ‭ ‬فِيها‭ ‬عِـبَـادٌ‭ ‬خُلَّـصٌ‭ ‬كُـثُـرُ

لَـكَ‭ ‬النَّعــيمُ‭ ‬كَـما‭ ‬شِئـتُـمُ‭ ‬بِهــا‭ ‬رَغَــدًا

وَبالحــرِيرِ‭ ‬وَبِـالـدِّيـبَـاجِ‭ ‬تَـدَّثِــرُ

وَشُـربُكُــم‭ ‬سَلسَبـِيلٌ‭ ‬مَاؤهَــا‭ ‬غَــدَقٌ

مِـن‭ ‬شَهـدِ‭ ‬رَبِّكَ‭ ‬يَـجرِي‭ ‬تَحـتَكُـم‭ ‬نَـهَــرُ

لَـكَ‭ ‬العــزَاءُ‭ ‬أبا‭ ‬سَلمانَ‭ ‬في‭ ‬رَجُــلٍ

نِعــمَ‭ ‬الرِّجَال‭ ‬يُــوَفُّون‭ ‬الــذِي‭ ‬نَــذَرُوا

لَـكَ‭ ‬العَــزَاءُ‭ ‬أبا‭ ‬سَلمَانَ‭ ‬كَــانَ‭ ‬لَكُــم

عَـمًّا‭ ‬عَزِيـزًا‭ ‬وَبِالإِخـلاصِ‭ ‬يَشتَهِــرُ

إنَّا‭ ‬نُعــزِّيكِ‭ ‬يَا‭ ‬بَحـرَينُ‭ ‬فَـقــدَكِ‭ ‬مَـن

‭ ‬أعطَاكِ‭ ‬إرثًا‭ ‬عَظِـيمًا‭ ‬لـيسَ‭ ‬يَنـدِثِــرُ

 

د‭. ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬أحمد‭ ‬منصور‭ ‬آل‭ ‬رضي