العدد 4298
الثلاثاء 21 يوليو 2020
banner
لجنة “يونسيترال” والتحكيم التجاري
الثلاثاء 21 يوليو 2020

يلعب التحكيم التجاري دورا أساسيا في حسم المنازعات التجارية وتوفير العدالة السريعة، وهذا من ضروريات الحياة لتستقر الأمور والأعمال ويجد الخصوم ضالتهم تحت ظل العدالة الناجزة.

والتحكيم معروف منذ القدم وكل الحضارات تعرفه بدرجات متفاوتة. ولكن، في عصرنا الحالي وبسبب العولمة وتطور وتداخل الأعمال، تطورت المنازعات وتشعبت وهذا قاد لبروز نظرة جديدة للتحكيم ليلعب دوره الهام وليأخذ مكانه المرموق في مسيرة العدالة.

ولهذا، أنشأت الأمم المتحدة لجنة خاصة تسمى اختصارا “يونسيترال”، لوضع معايير قانونية جديدة للتحكيم لتسترشد بها الدول عند وضع قوانينها المنظمة للتحكيم ليسير العالم على نهج متقارب يخدم كل أطراف العالم.

وبالفعل، قامت معظم الدول بالاقتباس من القانون النموذجي للتحكيم الذي أصدرته لجنة “يونسيترال”.

والجدير ذكره، أن قانون التحكيم البحريني، تضمن العديد من مبادئ “يونسيترال”. ولهذا، نقول إنه يعتبر مماثلا للأحكام والمعايير الدولية ويصب في نفس الإطار الدولي. والتحكيم يعطي دور كبير لأطراف النزاع في اختيار هيئة التحكيم التي تصدر القرار “النهائي” لحسم النزاع، وقانونا قابل للتنفيذ. وفي الغالب تتكون هيئة التحكيم من أعضاء فنيين متخصصين في النزاع، وهذه ميزة مهمة. وكذلك يحق للأطراف اختيار القانون الواجب التطبيق على النزاع، اختيار مكان التحكيم ولغة التحكيم وغيره من المسائل الإجرائية الأخرى. وهذه الحرية، لا تتوافر إلا في حالة اللجوء للتحكيم ويتم السير فيه وفق إرادة الأطراف ورغبتهم الحرة.

إن التطابق مع المعايير الدولية، فيه حافز للمستثمر الأجنبي لأنه مطمئن من توفير العدالة، خاصة، وأنه يجوز له اختيار قانون بلده ليكون القانون الواجب التطبيق، واختيار هيئة التحكيم ومكان التحكيم. وإذا كان المستثمر يجد كل هذه الحقوق، فماذا ينقصه. وبالطبع، مثل هذه الحرية لا تتوافر إلا عند اللجوء للتحكيم لحسم النزاع. وفي العادة، يصدر القرار النهائي للتحكيم في فترة زمنية قصيرة جدا قياسا مع الفترة التي تأخذها المحاكم. والسرعة تجعل الأطراف يشعرون بطعم العدالة وروح سيادة القانون، وكل هذا يساعد في زيادة الثقة بين الأطراف وفي تطوير الأعمال التجارية التي تزدهر عند توفر العدالة الناجزة. ولكن، حتى نحقق النتائج المرجوة، يجب الحرص والتأكد من صياغة شرط التحكيم بصورة فنية سليمة حتى يؤتي أكله. لأن سوء الصياغة قد يرتد على من قام بها ويكون فيه ضرر أكثر من النفع. ويمكن الاستفادة من شرط التحكيم “النموذجي” المذكور في قانون التحكيم أو الرجوع للشروط النموذجية الدولية المتفق عليها في العقود والاتفاقيات المعروفة، والأمثلة كثيرة.

نقول، ومن دون شك، إن اللجوء للتحكيم أثبت وعلى نطاق العالم أنه هو الخيار الأفضل، بل الأمثل لتسوية المنازعات في زمن قصير وسرية تامة تراعي مصالح الأطراف. ولنسير على هذا الطريق لتحقيق العدالة الناجزة لنا ولغيرنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية