+A
A-

الشراكة المجتمعية في عين عاصفة كورونا

في ندوة نظمتها الجامعة الأهلية حول الشراكة المجتمعية في ظل جائحة كورونا عبر (الأون لاين) اتفق المنتدون وهم أمين عام المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية د. مصطفى السيد، والرئيس المؤسس للجامعة الأهلية رئيس مجلس الأمناء البروفيسور عبدالله يوسف الحواج، والسيدة عهدية أحمد رئيسة جمعية الصحفيين البحرينية على أن الشراكة المجتمعية في ظل تلك الجائحة قد مرت بأهم اختبار لها، وأصعب منحنى مرتبك في تاريخ التعاطي مع ما يُطلَق عليه بالمسئولية المجتمعية للجامعات اتجاه خدمة المجتمع.

وكشف الدكتور مصطفى السيد عن أن مبادرة اللواء الركن سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة قائد الحرس الملكي مستشار الأمن الوطني الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى كشفت الغطاء عن المعدن الحقيقي لمملكة البحرين قيادةً وحكومةً وشعبًا، وأنها كانت من بين الحسنات والفضائل المتعددة التي جاءت بها جائحة كورونا على بلادنا، فيما المعمورة بأسرها تئن تحت وطأة الفيروس، وتعاني الأمرين من فقدان الترابط المجتمعي الذي كان لابد له أن يتألق، ويتنامى حتى تستطيع البشرية مواجهة هذه الجائحة الخطيرة.

وتحدث البروفيسور الحواج متناولا  الإنسان والزمان والمكان قبل الجائحة وأثنائها، وتوقعاته لشكل الحياة بعد زوالها، قائلا: "من أهم ما خرجنا به من الجائحة أنها لم تكن صادمة لنا بالقدر الذي توقعناه، لأن حزمة الدعم الحكومي للقطاعات الاقتصادية المختلفة، كان لها أثر، ولأن مستوى الحزمة ماليًا قد جاء بردًا وسلامًا على كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة، ولأن المبادرات الخلاقة التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد حفظه الله ورعاه ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس اللجنة التنسيقية النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء قد جاءت لتشبع حاجات متعطشة للأمان، وتؤسس بذلك قاعدة رئيسية مفادها أن الدولة وراء المواطن إلى جانب المؤسسات، وأن القيادة بزخمها وقدرتها على استيعاب مكامن الخطر الجامح الذي جاءت به "كورونا" قد وضعت المجتمع كله في مأمن من آثار كان يمكن لها أن تكون أشد ضراوة مما نحن فيه الآن، سواء من خلال الرعاية الصحية وسرعة ودقة وتوفر الفحص لكل مواطن ومقيم من دون تفرقة أو استثناء وبالمجان، في حين أن دولًا أخرى أكثر ثراءً وتقدمًا حسب بروتوكول التصنيف الأممي للدول لم تتوفر بها هذه القدرة التنظيمية الفائقة.

وقال الحواج أن جائحة كورونا أفرزت سلوكيات جديدة في المجتمع أهمها ذلك الترابط الأسري الذي عاد، وتلك الحميمية العائلية التي افتقدناها، بالإضافة إلى الخصال الحميدة من المواظبة على الرياضة إلى الانضباط في التعاطي مع سلوكيات الحياة اليومية بالتباعد الاجتماعي المطلوب، أو من خلال اكتساب مهارات كانت موجودة لكنها لم تكن مكشوفة على الواقع العملي الذي نعيش أدق مفرداته، وهو التعليم عن بُعد، والاجتماع المؤسسي "أون لاين"، والالتزام بمسافة الوقاية المفروضة بصورة لم تكن متوقعة قبل هبوب الجائحة.

رئيسة جمعية الصحفيين عهدية أحمد وفي معرض سؤال البروفيسور فؤاد شهاب عن تلك الأهمية القصوى التي احتلها حدث الجائحة في الصحف وأجهزة الإعلام أكدت أن البشرية لم تشهد وباءً منذ عام 1920، منذ الأنفلونزا الأسبانية والطاعون والجدري والسل وخلافه، هذه الجائحة جاءت والعالم يتسابق على إطلاق أحدث الاكتشافات العلمية، ويتألق في مضامير الحداثة والعبقرية وكأنه يريد أن يستفز الطبيعة الغامضة والقدرة الإلهية الفائقة، والتي أظهرت الإنسان أنه أكثر ضعفًا من الوجود كله، لذلك كان طبيعيًا أن يحتل خبر كورونا صدر صفحات الصحف، في العالم بأسره، وكان طبيعيًا أن يحتل ضحايا الجائحة المكانة الأكثر تأثيرًا في الناس، بل والأكثر تحذيرًا لهم، بأنه لو لم يلتزموا أساليب الوقاية فإن طريق الكشف المبين عن علاج قاطع ناجع مازال طويلًا، وأن المعامل مازالت تضرب أخماسًا في أسداس حول لقاح فعّال، أو حتى مصل مؤقت يقي البشرية من الوباء القاتل.

وأكدت رئيسة جمعية الصحفيين أنها لا تعتقد أن العالم سوف يتغير بعد زوال الجائحة، ستعود "حليمة لعادتها القديمة"، الدول التي تهيمن وتشاكس، العادات والتقاليد التي ترتكب باسمها الحماقات الإنسانية المفجعة، الحروب بالوكالة، الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، كل ذلك لن يتغير بل أنه سوف يشتد ويحتد وأننا سنعود إلى المربع صفرًا نعاني ونكابد وندفع من الأثمان ما نحن في غنى عنه.

لكن البروفيسور الحواج  تبنى موقفا مختلفا بعض الشيء حين توقع أن العالم سوف يتغير، مشيرا إلى أن الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي سوف يأخذ مجراه الطبيعي نحو هذه القطاعات، التقنية وفضائلها سوف يتم تعميق آلياتها وتعميم أدواتها لتعم البشرية جمعاء، تسييس التجارة، وإشعال الحروب التجارية بين القوى الأعظم في الكون سوف يُعاد النظر فيها، التعاون فيما بين الجامعات ومراكز البحوث العلمية سوف يكون على أشده من أجل محاربة أوبئة أخطر قد تهجم على المعمورة بعد كورونا، لقد امتلكنا من الخبرة ما يجعلنا أكثر قدرة على التعلم من تجربة قاسية وضعت الإنسانية كلها في أصعب اختبار ربما منذ فجر التاريخ.

واختتم د. مصطفى السيد الندوة بكلمات في غاية الدقة عندما قدم باسمه وباسم جميع المتحدثين والمشاركين في الندوة من أساتذة وطلبة الجامعة جزيل الشكر والامتنان للقيادة ملكًا وحكومةً وشعبًا على ما قاموا به اتجاه هذا الشعب قبل وأثناء جائحة كورونا، طارحًا تجاربه التي مر بها منذ كان عضوًا بمجلس الشورى، ورئيسًا تنفيذيًا لشركة الخليج لصناعة البتروكيماويات "جيبك" إلى موقعه في "المؤسسة الملكية"، متحدثًا ومفتخرًا بالمبادرات السامية من القيادة، وبالخطوات التي مضت على هداها شركة "جيبك" في زراعة الأسماك، وتربية الطيور التي تثبت مدى سلامة البيئة ومقدار نظافة الأجواء، وقدرة بلادنا في المحافظة على أجوائنا وترابنا ومياهنا نقية وصديقة للإنسان في أي زمان وأي مكان.