+A
A-

بعد إغلاق المدارس.. ما سبل التعامل مع الأطفال داخل المنزل؟

مع قرارات العديد من الدول بإغلاق المدارس وبقاء الأطفال في منازلهم للحد من انتشار وباء كورونا، تحاول الكثير من الأسر إيجاد أفضل السبل للتعامل مع تواجد الصغار داخل المنزل وتنظيم نشاطاتهم، سواء الأكاديمية منها أو الاجتماعية، وحتى الأسرية.

وعوضا عن إضافة المزيد من التوتر في المحيط الأسري بسبب فيض الأخبار التي يتم تناقلها عن انتشار فيروس كورونا، يرى الخبراء التربويون أن على الآباء تجنب القلق من انقطاع أطفالهم عن المدرسة، واعتبار فترة العزل فرصة للتعلم الذاتي عند الأطفال، التي تحاول المنظومة التربوية زرعها في الطفل في فترات عمره الدراسية المختلفة.

ومن الأمور الأساسية التي سيفتقدها الأطفال خلال فترة بقائهم في المنزل نظام حياتهم المعتاد وفرصتهم للتواصل مع محيطهم الاجتماعي الخارجي، وفقدانهم جانبا من الشعور بإنجاز الأشياء وفرص تحقيق النجاح.

ويرى الخبراء التربويون أن على الآباء أن يدركوا 3 أمور أساسية يحتاجها الطفل خلال فترة بقائه في المنزل وهي: القيام بالأدوار وتعزيز الهوية والإنتاجية، ومن الطرق التي يمكن بواسطتها لأولياء الأمور مساعدة الأطفال على الشعور بالإنتاجية أثناء وجودهم في المنزل تمكينهم من المساعدة في الأعمال والمهام المنزلية كالطهي على سبيل المثال.

وأيا كانت تلك الأدوار التي يقوم بها الطفل خلال فترة العزل سواء صغيرة أو كبيرة، فإن ذلك يساهم في قتل الفراغ لدى الطفل وترسيخ القيم الأسرية وتعزيز الإنتاجية في ذات الوقت. فيمكن للآباء تعليم أبنائهم الصغار كيفية صنع كوب من الشاي، أو عمل المعكرونة، أو المهام المنزلية الأخرى. فمن خلال تلك الأنشطة يمكن للطفل أن يطبق مفاهيم رياضية مثل تحديد المعايير وحساب الكميات.

ويتوجب على أولياء الأمور أيضا خلال فترة بقاء الأطفال في المنزل تعزيز القراءة لدى أفراد الأسرة، بغض النظر عن الأعمار. فالطفل عموما يتعلم عن طريق التقليد، والتعلم عندما يقترن بالحب فهو يصوغ العادة: فإن كان الأب أو الأم يواظبان على القراءة فإن الطفل سيلتزم ذات النهج، وإن كان الطفل لا يتمكن من القراءة فيتعين على الآباء أن يقرأوا لهم.

ويصعب على بعض الأسر التعامل مع الأبناء في فترة المراهقة على وجه الخصوص، وخاصة عندما يفتقدون التواصل المباشر مع أصدقائهم، سيما وأن تلك الفترة من العمر تتصف بحب التهور والمخاطرة، دون الأخذ بعين الاعتبار التبعات المترتبة على تصرفاتهم، سواء على المدى الطويل أم القصير.

ويجب على الأهل الحديث إلى تلك الفئة العمرية بشكل مستفيض وتعزيز روح المسؤولية لديهم بضرورة اتباع الإرشادات، وتوضيح أسباب الالتزام بها، وأن الخروج من المنزل سيعرض الأشخاص المقربين لهم للخطر سواء داخل الأسرة من كبار السن، أو الأشخاص المعرضين لحدوث المضاعفات بسبب الإصابة وتعريض أصدقائهم وأسرهم للخطر.

والقاعدة الأساسية لشرح أسباب العزل والبقاء في المنزل للمراهقين هي: إسأل ولا تخبر. أي أن على الآباء الجلوس مع أبنائهم والدخول في نقاش معهم، دون إعطاء الأوامر فحسب عن أسباب العزل الذاتي وفوائد البقاء في المنزل. لذا يتعين على أولياء الأمور توجيه الأسئلة لأطفالهم لتعزيز روح المسؤولية لديهم بشكل غير مباشر، من قبيل: لماذا تعتقد أننا نعزل؟ برأيك، ما هي عواقب لقاءك مع أصدقائك؟ وإذا ما تسللوا إلى خارج المنزل في فترة العزل، لا تحولوها إلى دراما كبيرة وعوضا عن ذلك يجب تكرار الحديث معهم بشان فوائد البقاء في المنزل وأن لا يقوموا بالتسلل إلى خارج المنزل مرة أخرى.

ومهما حدث، يجب على أولياء الأمور أن لا يحاولوا فرض العقاب على أبنائهم المراهقين من خلال حرمانهم من وسائل الاتصال التكنولوجية مع أقرانهم، وضرورة الابتعاد عن تعنيف الأطفال أو الإكثار من إصدار الأوامر لهم لما يترتب عليه من آثار نفسية سلبية.

ويتوجب الحذر بشكل كبير من العزلة المفرطة للمراهقين خاصة وأن لها تأثير كبير على الصحة الذهنية للأطفال، وهذا ينطبق بشكل خاص على المراهقين. قم بتشجيعهم على البقاء على اتصال بأصدقائهم، بطريقة صحية، بدلاً من الخروج وتعريض الآخرين للخطر، وتشجيعهم خلال هذه الفترة على ممارسة الفنون والحرف اليدوية لشغل أوقات فراغهم.

ويبقى العامل الأساسي في نجاح الأسر في تنظيم أوقات الأطفال والتواصل معهم خلال فترة بقائهم في المنزل، وعدم تركهم فترات طويلة رهينة للألعاب الإلكترونية والأجهزة الرقمية بل أيضا استغلال ذلك الفضاء الإلكتروني الواسع وتسخيره للتعلم وتوسيع المعرفة لدى الأطفال إما عبر التعليم المنهجي الذي تقدمه المؤسسات التعليمية الخاصة والعامة، أو من خلال متابعة البرامج والأفلام الوثائقية والتعليمية.