+A
A-

تقرير أميركي: إيران تكافح كورونا "بفوضى وسرية وجنون عظمة"

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن أزمة كورونا تعصف بنظام طهران وسط تراجع حاد في مستوى الثقة بين القيادة والشعب، وأوضحت في تقرير لها أن النظام يحرص على تقييد المعلومات حول المرض أكثر من حرصه على احتوائه، كما أن الإصابات تترواح ما بين 4 إلى 18 ألف استنادا على إحصاءات أجنبية.

وفي تفاصيل التقرير، فإن ما يقرب من 34 من مسؤولى الحكومة الإيرانية وأعضاء البرلمان أصيبوا بالفيروس، فيما توفي مستشار كبير مقرب من المرشد الأعلى.

نشر الفيروس أم احتوائه؟

واقترحت وزارة الصحة تكليف 300 ألف من أفراد الميليشيا في مهمة يائسة لتعقيم المنازل، تزامناً مع تحذير للمدعي العام من أن أي شخص يجمع أقنعة الوجه وغيرها من معدات الصحة العامة يخاطر بعقوبة الإعدام.

وكان وزير الصحة، سعيد ناماكي، قد أعلن الأحد عن خطة لإرسال قوة من 300 ألف عنصر من ميليشيا الباسيج في ثياب مدنية من شأنها أن تذهب من منزل إلى منزل لفحص السكان وتطهير منازلهم. وانتقد الأطباء والسياسيون الإيرانيون الخطة على الفور قائلين إن أفراد الميليشيات غير المدربين من المحتمل أن ينشروا الفيروس أكثر من احتوائه.

لقد تنبأ زعماء إيران بثقة قبل أسبوعين فقط بأن عدوى الفيروس التاجي التي تعصف بالصين لن تشكل مشكلة في بلادهم. بل إنهم تفاخروا بتصدير أقنعة الوجه إلى شركائهم التجاريين الصينيين.

خوف من الأعداء

وذكر مسؤولون يوم الثلاثاء أن فيروس كورونا أودى بحياة 77 شخصاً، وهي من أكثر الدول تعرضا للمرض خارج الصين. ولكن بدلاً من تلقي المساعدة الحكومية، يقول الأطباء والممرضون المثقلون بالأعباء إن قوات الأمن حذرتهم وطالبتهم بالتزام الصمت. ويقول بعض المسؤولين إن انتشار الوباء سينظر إليه على أنه فشل سيستغله الأعداء.

وبينما يصارع العالم لمكافحة انتشار الفيروس التاجي، فإن الوباء في إيران هو درس في ما يحدث عندما تحاول دولة تنتهج السرية وذات موارد محدودة التقليل من شأن تفشي المرض، ثم تجد صعوبة كبيرة في احتوائه.

ويبدو أن السلطات قلقة بشأن السيطرة على المعلومات بقدر قلقها بشأن السيطرة على الفيروس، وفقاً لمقابلات هاتفية ورسائل نصية مع أكثر من ستة من العاملين الطبيين الإيرانيين.

وقال العديد منهم إن رجال الأمن المتمركزين فى كل مستشفى منعوا الموظفين من الكشف عن أية معلومات حول النقص أو المرضى أو الوفيات المتعلقة بالفيروس التاجي.

السرية وجنون العظمة

ويضيف التقرير، أن السرية وجنون العظمة، كما يقول الأطباء تعكس ما يسمونه التركيز غير المثمر على الصورة العامة لإيران وهيبتها التي تعيق اتخاذ خطوات عملية في مجال الاحتواء.

ويشير التقرير ، إلى أن الفيروس الذي ظهر لأول مرة الصين في أواخر عام 2019، ضرب إيران في لحظة ضعف تعصف بالقيادة. وتعرض الاقتصاد الإيراني لانتكاسة بسبب العقوبات الأميركية.

وكافحت قوات الأمن لقمع موجة من الاحتجاجات العامة. وعانى جيشها من اغتيال قائد عسكري إيراني مبجل بواسطة طائرة أميركية بدون طيار. وربما وصلت المصداقية المحلية للسلطات إلى مستوى منخفض آخر بعد الاعتراف باسقاط الطائرة بعد أيام من الإنكار بأن دفاعاتها الجوية قد أسقطت عن طريق الخطأ طائرة أوكرانية مليئة بالركاب الإيرانيين.

ويقول سانام فاكيل، الباحث في شؤون إيران في تشاتام هاوس، وهو معهد أبحاث مقره لندن "إنهم يترنحون من أزمة إلى أخرى ويحاولون أن ينزعوا كل أزمة". وتابع: "لقد قللوا من شأن التأثير المحتمل للفيروس التاجي".

إطلاق السجناء

وتباهى مسؤولو الصحة الإيرانيون في البداية ببراعتهم الصحية العامة. وسخروا من الحجر الصحي على أنه "قديم" وصوروا إيران كنموذج عالمي يحتذى به. وبالأمس، اعترفت إيران بوفاة ما يصل 77 شخصاً بسبب الفيروس وما لا يقل عن 2300 حالة إصابة. إلا أن الخبراء الطبيين يقولون إن الوفيات الـ77 تشير إلى أنه استنادا إلى معدل الوفيات المتوقع، من المفترض أن يكون هناك حوالي 4 آلاف شخص مصاب.

كما ذكرت السلطات يوم الثلاثاء أنها أطلقت سراح 54 ألف سجين بشكل مؤقت يعتبرون خاليين من الأعراض، على ما يبدو على أمل تقليل العدوى إلى الحد الأدنى فى السجون المزدحمة فى إيران.

وبسبب هذا النقص، تشير الوقائع إلى أنه لا يمكن لأحد أن يخمن إلى أي مدى انتشر الفيروس التاجي في إيران. وقال إسحق بوغوش طبيب في تورونتو إن دراسة كندية توقعت قبل أسبوع أن يكون المجموع الحقيقي للإصابات في إيران أكثر من 18 ألف شخص.

بين القمع وحفظ ماء الوجه

وقد ردت السلطات الإيرانية، التي أحرجها من جديد انتشار المرض، بمزيج من التدابير المتناقضة التي تخلط بين عناصر حملة القمع ومحاولات حفظ ماء الوجه.

وبدت شوارع العاصمة طهران مهجورة حيث يلازم السكان المذعورون منازلهم، خوفا من العدوى. لكن في مدينة قم المقدسة، التي شهدت أول وأهم انتشار للمرض في إيران، لا تزال المساجد والأضرحة تقيم خدمات العبادة الجماعية للحجاج الزائرين على الرغم من نصيحة وزارة الصحة.

ويقول أمير أخامي، وهو طبيب ومؤرخ في جامعة جورج واشنطن: "بصراحة إن عدم رغبة النظام الإيراني في تقييد الزيارات الواسعة النطاق لهذه الأضرحة هو أمر إجرامي في حالة هذا المرض"، وقال عن رد القيادة العام "إن الحكومة تضع الهيبة الدينية والصورة العامة قبل السلامة العامة".