تواجدت الأسبوع الماضي في مهرجان المسرح العربي في دورته الـ 12 بالأردن بدعوة كريمة من الهيئة العربية للمسرح، فلهذه التظاهرة الفنية الأولى من نوعها في العالم العربي طعمها الخاص وعطاءاتها الكثيرة، وشهد المسرح العربي بفضل دعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات العربية المتحدة، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح انتصارات فنية كبيرة يعتز بها كل عربي، وكل الندوات الفكرية التي حضرتها كانت بمثابة دروس ثمينة استفدت منها كمتابع وكاتب.
هناك قضية مهمة ينبغي طرحها من كل الأبعاد وهي قضية لغة الحوار المسرحي، فهل يكون الحوار بالعامية أم الفصحى، هذه مسألة لم يصل المسرح العربي لحل حاسم لها بعد، رغم أن البعض يستخدم العامية دون أي تردد، والبعض الآخر يستخدم الفصحى دون أي تردد أيضا، وللفريقين حججه ومبرراته الفنية واللغوية، ولا يمكن إذا أخذنا المسرح العربي ككل إعطاء حكم حاسم لهذا الفريق أو ذاك، فإذا مالت بك مسألة الصدق الفني ناحية العامية، فإن مسألة مستقبل تطور اللغة العربية نفسها قد تميل بك إلى الناحية الثانية.
العالم العربي شهد وسمع بعض التجارب الهادفة لإيجاد حل آخر لهذه القضية وفي طليعة هذه التجارب تجربة الكاتب المسرحي الكبير توفيق الحكيم، فهذه التجارب تأخذ بعين الاعتبار أن هناك لغة ثالثة تتكون على نطاق العالم العربي، وهذه اللغة التي أخذ يتكلم بها المتعلمون العرب ليست ملتصقة تماما بأرض اللهجات المحكية العامية، ولا هي فصيحة تماما كلغة الكتب، وهذا الواقع يشير إلى أفق ما آخر للغة العربية، وعلى أساس هذا الأفق حاول توفيق الحكيم استخدام مفردات اللغة العربية الفصحى الأقرب إلى اللهجات المحكية وصاغها في حوار أقرب ما يكون إلى صيغة الحوار العامي.
عموما استمتعنا بعروض جميلة، وكل عرض كان يتميز بنبرة خاصة من الإبداع.