+A
A-

الذهيبة.. قصة مدينة حمت ظهر تونس من الإرهاب

دخلت المرحلة الانتخابية منعرجها الأخير في تونس، وبدأ العد التنازلي ليوم الاقتراع المنتظر منتصف هذا الشهر، وسط تحديات أمنية وتهديدات إرهابية تواجهها البلاد، تعوّل السلطات على جاهزية الوحدات الأمنية والعسكرية لمواجهتها، وكذلك على وعي وقيم مواطنيها لخنق التطرف والتصدّي للجماعات الإرهابية، خاصة بالمناطق الحدودية مع الجزائر وليبيا.

مدينة "الذهيبة" الواقعة أقصى الجنوب التونسي على الشريط الحدودي مع ليبيا، واحدة من أهمّ المدن التي مثلت منذ عام 2011، حصنا للأمن القومي لتونس، رغم أنها كانت في قلب دائرة التحدي الذي تطرحه الجماعات الإرهابية، التي كانت تنشط على بعد عشرات الكيلومترات على الأراضي الليبية، وتحت مجهرها.

ويقول مصطفى قويدر ممثل عن المجتمع المدني بمدينة الذهيبة، إنّ هذه المهمة أو هذا المخطط فشل بتحالف ثنائية القوة الأمنية والعسكرية والالتفاف الشعبي، وشكّلت المدينة صمّام أمان للدولة وحمت ظهرها من أي اختراق أمني منذ عام 2011 وحتّى اليوم، وكان سكانها بمثابة حرّاس الحدود التونسية.

واستحضر قويدر الأحداث التي شهدتها المدينة منذ عام2011، عندما أقبل عليها آلاف اللاجئين من ليبيا، هربا من المعارك الطاحنة التي اندلعت بين كتائب العقيد معمر القذافي والثوار، تفاعل معهم السكان بتعاطف وتضامن كبير، مشيرا إلى محاولة كتائب القذافي خرق حرمة الأراضي التونسية في تلك الفترة، إلا أن الوحدات الأمنية والعسكرية تصدت لها، بدعم من الأهالي، ووقف الجميع لأجل حماية الأمن لقومي للبلاد.

التهريب لسد رمق العيش

ويمتهن أغلب سكان مدينة الذهيبة، التجارة الموازية وأنشطة التهريب على الحدود مع ليبيا، كمصدر للعيش والرزق، بسبب غياب مشاريع التنمية وندرة فرص الشغل، ويبدي قويدر في هذا الجانب استنكاره من الرواية الرسمية المتداولة التي تربط بين التهريب والإرهاب، كما ينفي وجود أي علاقة أو تحالف بينهما والإرهاب في مدينته، موضحا أن سكانها يعتمدون على التهريب لتحسين ظروفهم الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة لأبنائهم حتى لا يستقطبهم الإرهاب، ولغياب حلول بديلة تغنيهم عن هذه الأنشطة غير القانونية.

وأشار قويدر في حديث مع العربية.نت، في هذا السياق، إلى أن التنظيمات الإرهابية لم تنجح في استقطاب أي شخص من أبناء المدينة، للالتحاق بصفوفها في ليبيا وتجنيده للقيام بأعمال إرهابية، سواء باعتماد العنصر الإيديولوجي أو الإغراءات المالية، لافتا إلى أن المدينة بقيت محصنة من كل أشكال التطرف العنيف.

والذهيبة ليست المدينة الوحيدة في الجنوب التونسي، التي قاومت إغراءات الجماعات الإرهابية وتصدت لمحاولات اختراقها خاصة تنظيم داعش، فقد نجحت مدينة بن قردان الواقعة على الحدود مع ليبيا شهر مارس 2016، في إحباط هجوم لتنظيم داعش، يستهدف إقامة إمارة فيها، بعد أن تلاحم سكان المدينة مع قوات الأمن والجيش، وتعاونوا معهم في قتل العشرات من عناصره ودحر آخرين إلى الوراء لتنكسر شوكة داعش ويخيب أمله في إقامة إمارة على الأراضي التونسية طالما حلم بها.

ورغم ما برهن عليه أهالي المدينة من محبة للوطن والتفاف حول دولتهم، يأمل قويدر أن يكون حضور الدولة أقوى وتدخلها كافيا، في المناطق الحدودية التي تسيل لعاب الإرهابيين، والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية داخلها، حتى تبقى سدّا منيعا ضد أي تهديد إرهابي.